للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنِّى لم أَرَهُ في غيرِ كتابِ ابنِ عَقِيلٍ، وأحمدُ قد صارَ إلى خِلافِه، وكَرِهَ أن يكون الواحِدُ صَفًّا، ولو عَلِمَ أحمدُ في هذا حَدِيثًا لم يَعْدُه إلى غيرِه. والصَّحِيحُ في هذا أنْ يَجْعَلَ كُلَّ اثْنَيْنِ صَفًّا.

فصل: ويُسْتَحَبُّ تَسْوِيَةُ الصَّفِّ في الصلاةِ على الجِنَازَةِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وقيل لِعَطاءٍ: أُخِذَ (١٥) على النَّاسِ أن يُصَفُّوا على الجِنَازَةِ كما يُصَفُّونَ في الصلاةِ؟ قال: لا، قَوْمٌ يَدْعُونَ ويَسْتَغْفِرُونَ. ولم يُعْجِبْ أحمدَ قولُ عَطاءٍ هذا. وقال: يُسَوُّونَ صُفُوفَهم، فإنَّها صَلَاةٌ. ولأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، نَعَى النَّجَاشِيَّ في اليومِ الذي ماتَ فيه، وخَرَجَ إلى المُصَلَّى، فَصَفَّ بهم، وكَبَّرَ أرْبَعًا. مُتَّفَقٌ عليه (١٦). وَرُوِىَ عن أبي المَلِيحِ (١٧) أنَّه صَلَّى على جِنَازَةٍ، فالْتَفَتَ، فقال: اسْتَوُوا، لِتَحْسُنَ (١٨) شَفاعتُكم.

فصل: ولا بَأْسَ بالصلاةِ على المَيِّتِ في المسجِدِ إذا لم يُخَفْ تَلْوِيثُه. وبهذا قال الشَّافِعِيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، ودَاوُدُ. وكَرِهَ ذلك مالِكٌ، وأبو حنيفةَ؛ لأنَّه رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "مَنْ صَلَّى على جِنَازَةٍ في المَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ".


(١٥) في أ، م: "أحد".
(١٦) أخرجه البخاري، في: باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه، وباب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد، وباب التكبير على الجنازة أربعا، من كتاب الجنائز، وفى: باب موت النجاشي، من كتاب مناقب الأنصار. صحيح البخاري ٢/ ٩٢، ١١١، ١١٢، ٥/ ٦٥. ومسلم، في: باب في التكبير على الجنازة، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم ٢/ ٦٥٦، ٦٥٧. كما أخرجه أبو داود، في: باب في الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود ٢/ ١٨٩. والنسائي، في: باب الصفوف على الجنازة، وباب عدد التكبير على الجنازة، من كتاب الجنائز. المجتبى ٤/ ٥٦، ٥٩. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الصلاة على النجاشي، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٤٩٠. والإِمام مالك، في: باب التكبير على الجنائز، من كتاب الجنائز. الموطأ ١/ ٢٢٦، ٢٢٧. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٨١، ٤٣٨، ٤٣٩.
(١٧) في م: "أبي المليج". وهو أبو المليح بن أسامة الهذلى، قيل اسمه عامر، وقيل غير ذلك، تابعى. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب ١٢/ ٢٤٦.
(١٨) في الأصل: "ولتحسن".

<<  <  ج: ص:  >  >>