للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنَّه لا يَدَّعِى أكثرَ منه، ويُدْفَعُ الباقِى إلى بيتِ المالِ؛ لعدمِ مَنْ يَسْتَحِقُّه، فإن كان في الورثةِ صغيرٌ أو مجنونٌ، دُفِعَ إليه نصيبُه، ونصيبُ المُقِرِّ بِرِدَّةِ الموروثِ؛ لأنَّه لم تثْبُتْ رِدَّتُه بالنسبةِ إليه.

فصل: ومَن أُكْرِهَ على كلمةِ الكُفْرِ، فالأفضلُ له أنْ يصبرَ ولا يقولَها، وإن أتى ذلك علي نفسِه؛ لما رَوَى خَبَّابٌ، عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ قَبْلِكُمْ لَيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فَيُجْعَلُ فيها، فَيُجَاءَ بِمِنْشَارٍ، فَيُوضَعُ على شِقِّ رَأْسِهِ، ويُشَقُّ باثْنَيْنِ، مَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ عن دِينِهِ، ويُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحديِد مَا دُونَ عَظْمِه مِنْ لَحْمٍ، ما يَصْرِفُه ذلك عن دِينِهِ" (٢٨). وجاءَ في تفسيرِ قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} (٢٩) أنَّ بعضَ ملوكِ الكفَّارِ، أخذَ قومًا من المؤمنين، فَخَدَّ لهم أُخْدُودًا في الأرْضِ، وأَوْقَدَ فيه نارًا، ثم قالَ: من لم يَرْجِعْ عن دِينِه فألقُوه في النَّارِ. فجعلُوا يُلْقُونَهم فيها، حتى جاءَتِ امْرَأةٌ على كَتِفِها (٣٠) صَبِىٌّ لها، فَتَقَاعَسَتْ من أجلِ الصَّبِىِّ، فقال الصَّبِىُّ: يا أُمَّه، اصْبِرِي، فإنَّك على الحقِّ. فذكرَهم اللَّه تعالى في كتابه (٣١). ورَوَى الأثْرَمُ، عن أبي عبدِ اللهِ، أنَّه سُئِلَ عن الرجلِ يُؤْسَرُ، فيُعْرَضُ على الكُفْرِ، ويُكْرَهُ عليه، ألَهُ أَنْ يَرْتَدَّ؟ فكَرِهَهُ كَرَاهةً شديدةً، وقال: ما يُشْبِهُ (٣٢) هذا عندى الَّذينَ أُنْزِلَتْ فيهم الآيةُ مِن أصحابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أولئك كانوا يُرادُونَ كلى الكَلِمَةِ، ثم يُتْرَكُونَ يعْملون ما شاءُوا,


(٢٨) أخرجه البخاري، في: باب علامات النبوة في الإِسلام، من كتاب المناقب، وفى: باب من اختار الضرب والقتل. . ., من كتاب الإِكراه. صحيح البخاري ٤/ ٢٤٤، ٩/ ٢٥، ٢٦. أبو داود، في: باب في الأسير يُكره على الكفر، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٤٤. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ١٠٩، ١١٠، ١١١, ٦/ ٣٩٥.
(٢٩) سورة البروج ٤ - ٧.
(٣٠) في ب، م: "كفها".
(٣١) أخرجه مسلم، في: باب قصة أصحاب الأخدود. . ., من كتاب الزهد والرقائق. صحيح مسلم ٤/ ٢٢٩٩ - ٢٣٠١. والترمذي، في: باب ومن سورة البروج، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى ١٢/ ٢٣٨ - ٢٤٢. والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٧، ١٨.
(٣٢) في الأصل: "شبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>