للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ حِينَ آلَى (٧١)، وإِنْ كانتْ فى العِدَّةِ. ذَكَرَه ابنُ حامِدٍ. وهو قَوْلُ أبى حَنِيفَةَ. ويَجِىءُ على قَوْلِ الخِرَقِىِّ أَنْ لا يُحْتَسَبَ عليه بِالمُدَّةِ إِلَّا مِن حِينَ راجَعَها؛ لأنَّ ظاهِرَ كلامِه أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُحَرَّمَةٌ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّها مُعْتَدَّةٌ منه، فأَشْبَهَتِ البائِنَ، ولأنَّ الطَّلاقَ إِذا طَرَأ قَطَعَ المُدَّةَ، ثم لا يُحْتَسَبُ عليه بِشَىْءٍ مِن المُدَّةِ قبلَ رَجْعَتِها، فأَوْلَى أَنْ لا يَسْتَأْنِفَ المُدَّةَ فى العِدَّةِ. ووَجْهُ الأَوَّلِ، أَنَّ مَن صَحَّ إيلاؤُه، احْتُسِبَ عليه بِالمُدَّةِ مِن حِينِ إِيلائِه، كما لو لم تَكُنْ مُطَلَّقَةً، [ولأنَّها مُبَاحةٌ، فاحْتُسِبَ عليه بالمُدَّةِ فيها، كما لو لم يُطَلِّقْها] (٧٢). وفارَقَ البائِنَ، فإِنَّها ليستْ زَوْجَةً، ولا يَصِحُّ الإِيلاءُ منْهَا (٧٣) بِحالٍ، فهى كسائِرِ الأجْنَبِيَّاتِ.

فصل: ويَصِحُّ الإِيلاءُ مِن كُلِّ زَوْجَةٍ، مُسْلِمَةً كانتْ أو ذِمِّيَّةً، حُرَّةً كانتْ أو أَمَةً؛ لِعُمُومِ قولِه سبحانه: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}. ولأَنَّ كُلَّ واحِدَةٍ منهُنَّ زَوْجَةٌ، فصَحَّ الإِيلاءُ منها كالحُرَّةِ المُسْلِمَةِ. ويَصِحُّ الإِيلاءُ قبلَ الدُّخُولِ وبعدَه. وبهذا قال النَّخَعِىُّ، ومالِكٌ، والأَوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ. وقال عَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والثَّوْرِىُّ: إِنَّما يَصِحُّ (٧٤) الإِيلاءُ بعدَ الدُّخُولِ. ولَنا، عُمُومُ الآيَةِ والْمَعْنَى، ولأنَّه (٧٥) مُمْتَنِعٌ مِن جِماعِ زَوْجَتِه بِيَمِينِه، فأشْبَهَ ما بعدَ الدُّخُولِ. ويَصِحُّ الإِيلاءُ مِن المَجْنُونَةِ والصَّغِيرَةِ، إِلَّا أنَّه لا يُطالَبُ بِالفَيْئَةِ فى الصِّغَرِ والجُنُونِ؛ لأنَّهُما لَيْسا مِنْ أهْلِ المُطالَبَةِ. فأَمَّا الرَّتْقاءُ والقَرْناءُ، فلا يَصِحُّ الإِيلاءُ منهما؛ لأنَّ الوَطْءَ مُتَعَذِّرٌ دائِمًا، فلم تَنْعَقِدِ اليَمِينُ على تَرْكِه، كما لو حَلَفَ لا يَصْعَدُ السَّماءَ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ، وتُضْرَبَ له المُدَّةُ؛ لأنَّ المَنْعَ بسَببٍ مِن جِهَتِها، فهى كالمَرِيضَةِ. فعلى هذا يَنْبَغِى أَنْ يَفِىءَ فَيْئَةَ


(٧١) فى أ: "الإيلاء".
(٧٢) سقط من: ب.
(٧٣) فى م: "ومنها".
(٧٤) سقط من: أ، ب.
(٧٥) سقطت الواو من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>