للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُرْتَدُّ والحَرْبِىُّ، فلا دِيَةَ لهما؛ لعَدَمِ العِصْمَةِ فيهما.

١٤٧١ - مسألة؛ قال: (ودِيَةُ الْمَجُوسِىِّ ثَمانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ونِسَاؤُهُمْ عَلَى النِّصْفِ)

وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. قال أحمدُ: ما أقَلَّ ما اخْتُلِفَ في دِيَةِ الْمَجُوسِىِّ. وممَّن قال ذلك عمرُ، وعثمانُ، وابنُ مسعودٍ، رَضِىَ اللهُ عنهم، وسعيدُ بن المُسَيَّبِ، وسليمانُ بن يَسَارٍ، وعَطاءٌ، وعِكْرِمَةُ، والحسنُ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وإسحاقُ. ورُوِىَ (١) عن عمرَ بن عبدِ العزيزِ، أنَّه قال: دِيَتُه نِصْفُ دِيَةِ المسلمِ، كدِيَةِ الكِتابىِّ؛ لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أهْلِ الكِتابِ" (٢). وقال النَّخَعِىُّ، والشَّعْبيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: دِيَتُه كدِيَةِ المسلمِ؛ لأنَّه آدَمِىٌّ (٣) حُرٌّ مَعْصُومٌ، فأشْبَهَ المسلمَ. ولَنا، قولُ مَنْ سَمَّيْنَا من الصَّحابةِ، ولم نَعْرِفْ لهم في عَصْرِهِم مُخالِفًا، فكان إجْماعًا. وقوله: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أهْلِ الْكِتَابِ". يعني في أخْذِ جِزْيَتِهم، وحَقْنِ دِمَائِهم، بدليلِ أنَّ ذَبائِحَهُم ونِساءَهم لا تَحِلُّ لنا، ولا يجوزُ اعْتبارُه بالمسلمِ ولا الكتابىِّ، لنُقْصانِ دِيَتِه وأحكامِه عنهما، فيَنْبَغِى أن تَنْقُصَ دِيَتُه، كنَقْصِ المرأةِ عن دِيَةِ الرَّجُلِ، وسواءٌ كان المَجُوسِىُّ ذِمِّيًّا أو مُسْتأْمنًا؛ لأنَّه مَحْقُونُ الدَّمِ. ونِساؤُهم على النِّصْفِ من دِيَاتِهم بإجماعٍ. وجِراحُ كلِّ واحدٍ مُعْتَبَرةٌ من دِيَتِه. وإن قُتِلُوا عَمْدًا، أُضْعِفَتِ الدِّيَةُ على القاتلِ المُسْلِمِ؛ لإِزالةِ القَوَدِ. نَصَّ عليه أحمدُ، قِياسًا على الكتابىِّ.

فصل: فأمَّا عَبَدَةُ الأوْثانِ، وسائرُ مَنْ لا كِتابَ له، كالتُّرْكِ، ومَنْ عَبَدَ ما اسْتَحْسَنَ، فلا ذِمَّةَ (٤) لهم، وإنَّما تُحْقَنُ دِماؤُهم بالأَمانِ، فإذا قُتِلَ مَنْ له أمانٌ منهم،


(١) في الأصل: "ويروى".
(٢) تقدم تخريجه، في: ٩/ ٥٤٧.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) في م: "دية".

<<  <  ج: ص:  >  >>