للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرْنا أنَّ الصَّحِيحَ غيرُ هذا، فإنَّه لو صَارَ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ، لم يَصِحَّ العَفْوُ عن الشُّفْعةِ بعدَ طَلَبِها، كما لا يَصِحُّ العَفْوُ عنها بعدَ الأخْذِ بها. فإذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ الحَقَّ يَنْتَقِلُ إلى جَمِيعِ الوَرَثةِ على حَسَبِ مَوَاريثِهم، لأنَّه حَقٌّ مالِىٌّ مَوْرُوثٌ، فيَنْتَقِلُ إلى جَمِيعِهم، كسائِرِ الحُقُوقِ المالِيَّةِ، وسواءٌ قلنا: الشُّفْعةُ على قَدْرِ الأمْلاكِ، أو على عَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لأنَّ هذا يَنْتَقِلُ إليهم من مَوْرُوثِهِم. فإن تَرَكَ بعضُ الوَرَثَةِ حَقَّه، تَوَفَّرَ (٢) الحَقُّ على سائِر الوَرَثَةِ، ولم يكُنْ لهم أن يَأْخُذُوا إلَّا الكلَّ، أو يَتْرُكُوا، كالشُّفَعاءِ إذا عَفَا بعضُهم عن شُفْعَتِه؛ لأنَّا لو جَوَّزْنا أخْذَ (٣) بعضِ الشِّقْصِ المَبِيعِ، تَبَعَّضَتِ الصَّفْقةُ على المُشْتَرِى، وهذا ضَرَرٌ في حَقِّه.

فصل: وإن أشْهَدَ الشَّفِيعُ على مُطَالَبَتِه بها لِلْعُذْرِ، ثم ماتَ، لم تَبْطُلْ، وكان لِلْوَرَثةِ المُطَالَبةُ بها. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ الإِشْهادَ على الطَّلَبِ عندَ العَجْزِ عنه، يَقُومُ مَقَامَه، فلم تَسْقُط الشُّفْعةُ بالمَوْتِ بعدَه (٤)، كنَفْسِ الطَّلَبِ.

فصل: وإذا بِيعَ شِقْصٌ له شَفِيعانِ، فعَفَا أحَدُهُما عنها (٥)، وطَالَبَ الآخَرُ بها، ثم ماتَ المُطَالِبُ (٦)، فوَرِثَهُ العافِى، فله أخْذُ الشِّقْصِ بها؛ لأنَّه وارِثٌ لِشَفِيعٍ مُطَالِبٍ بالشُّفْعةِ، فمَلَكَ الأخْذَ بها، كالأجْنَبِىِّ. وكذلك لو قَذَفَ رَجُلٌ أُمَّهُما وهى مَيِّتَةٌ، فعَفَا أحَدُهُما، فطَالَبَ (٧) الآخرُ، ثم ماتَ الطَّالِبُ، فوَرِثَه العافِى، ثَبَتَ له اسْتِيفاؤُه بالنِّيَابةِ عن أخِيه المَيِّتِ، إذا قُلْنا بوُجُوبِ الحَدِّ بِقَذْفِها.

فصل: وإن ماتَ مُفْلِسٌ، وله شِقْصٌ، فباعَ شَرِيكُه، كان لِوَرَثَتِه الشُّفْعةُ. وهذا


(٢) في م: "توافر".
(٣) في الأصل: "لواحد".
(٤) في م: "بعد".
(٥) سقط من: م.
(٦) في الأصل: "الطالب".
(٧) في ب: "أو طلب".

<<  <  ج: ص:  >  >>