للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّبُرِ. ولا يصحُّ هذا؛ لأنَّ يَمِينَه انْحَلَّتْ، ولم يَبْقَ مُمْتَنِعًا من الوَطْءِ بحُكْمِ اليَمِينِ، فلم يَبْقَ الإِيلاءُ، كما لو كَفَّر عن (١٣) يَمِينِه، أو كما لو وَطِئَها مريضةً. وقد نصَّ أحمدُ، فى من حَلَفَ، ثم كفَّر يَمينَه، أنَّه لا يَبْقَى مُولِيًا، لِعَدَم حُكْمِ اليمينِ مع أنَّه ما وفَّاها حقَّها، فلأَنْ يزولَ بزَوالِ اليمينِ بِحِنْثِه فيها أَولَى. وقد ذكر القاضى فى المُحْرِمِ (١٤) والمُظاهِرِ، أنَّهما إذا وَطِئَا فقد وَفَّياها حَقَّها. وفارَقَ الوَطْءَ فى الدُّبُر؛ فإنَّه لا يَحْنَثُ به، وليس بِمَحل لِلْوَطْءِ، بخلافِ مَسْأَلَتِنا.

فصل: وإذا آلَى منها، وَثَمَّ عُذْرٌ يَمْنعُ الوطءَ مِن جِهَةِ الزَّوْجِ، كمَرَضِه، أو حَبْسِه، أو إحْرامِه، أو صِيامِه، حُسِبَتْ عليه المدَّةُ مِن حينِ إيلائِه؛ لأنَّ (١٥) المانِعَ من جِهَتِه، وقد وُجِدَ التَّمْكِينُ الذى عليها. ولذلك لو أمْكَنَتْه من نَفْسِها، وكان مُمْتَنِعًا لِعُذْرٍ، وَجَبَتْ لها النَّفَقَةُ. وإِنْ طَرَأ شىءٌ من هذه الأعْذارِ بعدَ الإِيلاءِ، أو جُنَّ، لم تنْقطِعِ المُدَّةُ؛ للمَعْنَى الَّذِى ذكرْناه. وإِنْ كان المانِعُ من جهتِها، نَظَرْنا؛ فإنْ كان حَيْضًا، لم يمنعْ ضَرْبَ المُدَّةِ؛ لِأَنَّه لو مَنَعَ لم يُمْكِنْ ضَرْبُ المدَّةِ؛ لأنَّ الحَيضَ فى الغالِبِ لا يَخْلُو منه شهرٌ، فيُؤَدِّى ذلك إلى إسْقاطِ حُكْمِ الإِيلاءِ، وإن طَرَأ الحَيْضُ، لم يَقْطَعِ المُدَّةَ؛ لما ذكرْناه (١٦). وفى النِّفاس وَجْهان؛ أحدُهما، هو كالحيْضِ؛ لِأنَّ أحكامَه أحكامُ الحيضِ. والثانى، هو كسائِرِ الأعْذارِ التى مِن جِهَتِها؛ لأنَّه نادِرٌ غيرُ مُعْتادٍ، فأشْبَهَ سَائِرَ الأعْذارِ. وأمَّا سائرُ الأعْذارِ التى مِن جِهَتِها؛ كَصِغَرِها، ومرضِها، وحَبْسِها، وإحْرامِها، وصِيَامِها واعْتِكافِها المفْرُوضَيْنِ، ونُشُوزِها، وغَيْبَتِها، فمتى وُجِدَ منها شىءٌ حالَ الإِيلاءِ، لم تُضْرَبْ له المدَّةُ حتى يَزُولَ؛ لأنَّ المُدَّةَ تُضْرَبُ لامْتناعِه


(١٣) سقط من: الأصل، ب، م.
(١٤) فى ب: "المجرد" تحريف.
(١٥) فى أ، ب، م: "لأنه".
(١٦) فى ب، م: "ذكرنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>