للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٢٠ - مسألة؛ قال: (والضَّربُ الثَّانِي، أنْ يَقْتُلَ فِي بِلَادِ الرُّومِ مَنْ عِنْدَهُ أنَّه كافِرٌ، ويكُونُ قَدْ أسْلَمَ، وكَتَمَ إسْلامَهُ، إلَى أن يَقْدِرَ عَلَى التَّخَلُّصِ (١) إلَى أرْضِ الإِسْلَامِ، فَيَكُونَ عَلَيه فِي مَالِه عِتْقُ رَقَبةٍ مُؤْمِنةٍ، بِلَا دِيَةٍ؛ لِقَوْلِ اللهِ تعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (٢))

هذا الضَّربُ الثاني من الخطإِ، وهو أن يقْتلَ في دارِ (٣) الحَرْب مَنْ يَظُنُّه كافِرًا، ويكونُ مُسْلِمًا. ولا خِلَافَ في أنَّ هذا خَطَأٌ، لا يُوجِبُ قِصاصًا؛ لأنَّه لم يَقْصِدْ قَتْلَ مُسْلمٍ، فأشْبَهَ ما لو ظَنَّه صَيْدًا فبانَ آدَمِيًّا، إلَّا أنَّ هذا لا تَجِبُ به (٤) دِيَةٌ أيضًا، ولا يجِبُ إلَّا الكَفَّارةُ. رُوِيَ (٥) هذا عن ابنِ عباسٍ. وبه قال عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، وعِكْرِمةُ، وقَتادةُ، والأوْزاعيُّ، والثوْريُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو حنيفةَ. وعن أحمدَ، رِوَايةٌ أُخْرَى، تَجِبُ به الدِّيَةُ والكَفَّارةُ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (٢). وقال عليه السلام: "أَلَا إنَّ في قَتِيلِ خَطَإِ العَمْدِ، قَتِيلِ السَّوْطِ والْعَصَا، مِائَةً مِنَ الإِبلِ" (٦). ولأنَّه قَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً، فوَجَبَتْ دِيَتُه، كما لو كان في دارِ الإِسْلامِ. ولنا، قولُ اللَّه تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}. ولم يَذْكُرْ دِيةً، وتَرْكُه ذِكْرَها في هذا القِسْمِ، مع ذِكْرِها في الذي قبلَه وبعدَه، ظاهِرٌ في أنَّها غيرُ واجبةٍ، وذِكْرُه لهذا (٧) قِسْمًا مُفْرَدًا، يَدُلُّ على أنَّه لم يَدْخُلْ في عُمُومِ الآية التي احْتَجُّوا بها، ويُخَصُّ بها عُمُومُ الخبرِ الذي رَوَوْهُ.

١٤٢١ - مسألة؛ قال: (وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ)


(١) في ب: "التخليص".
(٢) سورة النساء ٩٢.
(٣) في ب، م: "أرض".
(٤) في ب: "فيه".
(٥) في م: "وروى".
(٦) تقدم تخريجه، في: ٦/ ٢٤٠.
(٧) في ب: "هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>