للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى. وإِنْ أطلقَ، فقال القاضى: فيه رِوايَتان؛ إحْداهُما، يكونُ يَمِينًا؛ لأَنَّ لامَ التَّعْرِيِف إنْ كانَتْ للعَهْدِ، يَجِبُ أَنْ تَنْصَرِفَ إلى عَهْدِ اللَّه؛ لأنَّه الذى عُهدَت اليَمِينُ بِه، وإِنْ كانت للاسْتِغْراقِ، دَخَلَ فيه ذلك. والثانِيَةُ، لا يَكونُ يَمِينًا؛ لأَنَّه يَحْتَمِلُ غيرَ ما وَجَبَت بِه الكَفَّارَةُ، ولم يَصْرِفْه إلى ذلك بِنِيَّتِه، فلا تَجِبُ الكَفّارَةُ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُها.

١٧٨٧ - مسألة؛ قال: (أو بالخُرُوجِ مِنَ الإِسْلَامِ)

اخْتَلَفَت الرِّوايَةُ عن أحمدَ، فى الحالِفِ (١) بالخُروجِ من الإِسلامِ، مثل أَنْ يقول: هو يَهُودِىٌّ، أو نَصْرانِىٌّ، أو مَجُوسِىٌّ، إنْ فَعَلَ كَذَا، كذا (٢). أو: هو بَرِىءٌ مِنَ الإِسْلامِ، أو مِنْ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو مِنَ القُرَآنِ، إنْ فَعَلَ. أو قال (٣): هو يَعْبُدُ الصَّلِيبَ، أو يَعْبُدُك، أو يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ، إنْ فَعَلَ. أو نحوَ هذا، فعنْ أحمد: عليه الكَفَّارَةُ إذا حَنِثَ. يُرْوَى هذا عن [عطاءٍ، و] (٤) طاوسٍ، والحسنِ، والشَّعْبِىِّ، والثَّوْرِىِّ، والأوْزَاعِىِّ، وإسحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ويُرْوَى ذلك عن زَيْدِ بنِ ثابِتٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. والرِّوايَةُ الثَّانِيَةُ: لا كَفَّارَةَ عليه. وهو قولُ مالِك، والشافِعِىّ، واللَّيْثِ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّه لم يَحْلِفْ باسمِ اللَّهِ، ولا صِفَتِه، فلم تَلْزَمْه كفَّارَةٌ، كما لو قال: عَصَيْتُ اللَّهَ فيما أمَرَنِى. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ كلامُ أحمدَ فى الرِّوايَة الأُولَى على النَّدْبِ، دونَ الإِيجابِ؛ لأنَّه قال، فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ: إذا قال: أكفُرُ باللَّهِ، أو أشْرِكُ باللَّهِ. فأحَبُّ إلىَّ أن يُكَفِّرَ كَفَّارةَ يَمِينٍ إذا حَنِثَ. ووَجْهُ الرِّوايَةِ الأُولَى، ما رُوِىَ عن الزُّهْرِىِّ، عن خارِجَةَ بنِ زيدٍ، عن أبيه، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه سُئِلَ عن الرَّجُلِ يقول: هو يَهودِىٌّ، أو نَصْرانِىٌّ، أو مَجُوسِىٌّ، أو بَرِىءٌ من الإِسْلامِ. فى اليَمِينِ يَحْلِفُ بها، فيَحْنَث فى هذه الأَشْياءِ، فقال: "عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ". أَخْرَجَه أبو بكْرٍ (٥). ولأَنَّ البراءَةَ من هذه الأَشياءِ تُوجِبُ الكُفْرَ


(١) فى ب، م: "الحلف".
(٢) سقط من: م.
(٣) فى م: "يقول".
(٤) لم يرد فى: الأصل، أ، ب.
(٥) وأخرجه البيهقى، فى: باب من حلف بغير اللَّه حنث أو حلف بالبراءة من الإسلام، من كتاب الأيمان. السنن الكبرى ١٠/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>