للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى الآخَر زَكَاةُ حِصَّتِه إن بَلَغَتْ نِصَابًا. وبهذا كلِّه قال مالِكٌ، والشافِعِىُّ. وقال اللَّيْثُ: إن كان شَرِيكُه نَصْرَانِيًّا، أعْلَمَه أنَّ الزَّكاةَ مُؤَدَّاةٌ في الحائِطِ، ثم يُقَاسِمُه بعدَ الزَّكاةِ ما بَقِىَ. ولَنا، أنَّ النَّصْرَانِىَّ لا زَكاةَ عليه، فلا يَخْرُجُ من حِصَّتِه شيءٌ، كما لو انْفَرَدَ بها، وقد رَوَى أبو دَاوُدَ، في "السُّنَنِ" (٧٨)، عن عائِشَةَ، رَضِىَ اللَّه عنها، قالتْ: كان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَبْعَثُ عبدَ اللهِ بن رَوَاحَةَ، فيَخْرُصُ النَّخْلَ حين يَطِيبُ، قبل أن يُؤْكَلَ منه، ثم يُخَيِّرُ يَهُودَ خَيْبَرَ، أيَأْخُذُونَه بذلك الخَرْصِ، أم يَدْفَعُونَهُ إليهم بذلك الخَرْصِ، لكى تُحْصَى الزَّكاةُ قبلَ أن تُؤْكَلَ الثِّمارُ وتُفَرَّقَ (٧٩). قال جابِرٌ: خَرَصَها ابنُ رَوَاحَةَ أَرْبَعِينَ ألْفَ وَسْقٍ، وزَعَمَ أنَّ اليَهُودَ لمَّا خَيَّرَهُم ابنُ رَوَاحَةَ أخَذُوا الثَّمَرَةَ (٨٠) وعليهم عِشْرُونَ ألْف وَسْقٍ.

فصل: وإن ساقاهُ على أرْضٍ خَرَاجِيَّة، فالخَرَاجُ (٨١) على رَبِّ المالِ؛ لأنَّه يَجِبُ على الرَّقَبَةِ، بِدَلِيلِ أنَّه يَجِبُ سواءٌ أثْمَرَتِ الشَّجَرُ (٨٢) أو لم تُثْمِرْ. ولأنَّ الخَرَاجَ يَجِبُ أُجْرَةً للأرْضِ، فكان على رَبِّ الأرْضِ، كما لو اسْتَأْجَرَ أرْضًا وزَارَعَ غيرَه فيها. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقد نُقِلَ عن أحمدَ، في الذي يَتَقَبَّلُ الأرْضَ البَيْضاءَ لِيَعْمَلَ عليها، وهى من أرْضِ السَّوَادِ يَتَقَبَّلُها من السُّلْطانِ، فعلى مَن يَقْبَلُها أن يُؤَدِّىَ وَظِيفَةَ عمرَ رَضِىَ اللهُ عنه، ويُؤَدِّىَ العُشْرَ بعد وَظِيفَةِ عمرَ. وهذا مَعْناه - واللَّه أعلمُ - إذا دَفَعَ السُّلْطانُ أرْضَ الخَرَاجِ إلى رَجُلٍ يَعْمَلُها ويُؤَدِّى خَرَاجَها، فإنَّه يَبْدَأُ فيُؤَدِّى خَرَاجَها، ثم يُزَكِّى ما بَقِىَ. كما ذَكَرَه الخِرَقِىُّ في بابِ الزَّكاةِ. ولا تَنَافِىَ بين ذلك وبين ما ذَكَرْنا ههُنا، إن شاءَ اللهُ تعالى.


(٧٨) في: باب في الخرص، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٣٦.
(٧٩) في الأصل: "وتفترق".
(٨٠) في ب، م: "التمر".
(٨١) في م: "فالخارج". خطأ.
(٨٢) في ب، م: "الشجرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>