للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّظَرُ إليه من الأُمِّ، كالفَرْجِ، والفَخِذِ، ونَحْوِهما، فهو مُظاهِرٌ، وإِنْ لم يَحْرُمِ النَّظَرُ إليه، كالرَّأْسِ، والوَجْهِ، لم يكنْ مُظاهِرًا؛ لأنَّه شَبَّهَها بعُضْوٍ لا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيه، فلم يكُنْ مظاهِرًا، كما لو شبَّهَها بعُضْوِ زوجةٍ له (٣٢) أُخْرَى. ولَنا، أنَّه شبَّهها بعُضْوٍ مِن أُمِّه، فكانَ مُظاهِرًا كما لو شَبَّهَها بِظَهْرِها، وفارَقَ الزَّوْجَةَ؛ فإنَّه لو شَبَّهَها بِظَهْرِها لم يَكُنْ مظاهرًا، والنَّظَرُ إنْ لم يَحْرُمْ، فإنَّ التَّلَذُّذَ يَحْرُمُ، وهو المُسْتَفاد بِعَقْدِ النِّكاحِ.

فصل: وإِنْ قالَ: كَشَعْرِ أمِّى، أو سنِّها، أو ظُفُرِها. أو شَبَّهَ شيئًا مِنْ ذلك مِن امرأتِه بأُمِّه، أو بِعُضْوٍ مِن أعْضائِها (٣٣)، لم يكنْ مُظاهِرًا؛ لأنَّها ليستْ مِن أَعْضاءِ الأُمِّ الثَّابِتَةِ، ولا يقَعُ الطَّلاقُ بإضافَتِه إليها، فكذلك الظِّهارُ (٣٤). وكذلك لو قال: كزَوْجِ أمِّى. فإنَّ الزَّوْجَ لا يُوصَفُ بالتَّحْرِيمِ، ولا هو مَحِلٌّ للاسْتِمْتاعِ. وكذلك الرِّيقُ، والعَرَقُ، والدَّمْعُ. وإِنْ قال: وَجْهِى مِنْ وَجْهِكِ حرامٌ. فلَيس بظِهارٍ، نصَّ عليه أحمدُ، وقال: هذا شىءٌ يقولُه النَّاسُ، ليس بشيءٍ. وذلك لأنَّ هذا يُسْتَعْمَلُ كثيرًا فى غير الظِّهارِ، ولا يُؤَدِّى معْنى الظِّهارِ، فلم يكُنْ ظهارًا، كما لو قال: لا أُكَلِّمُك.

فصل: فإن قال: أنا مُظاهِرٌ، أو عَلَىَّ الظِّهارُ، أو علىَّ الحرامُ، أو الحرامُ لى لازِمٌ. ولا نِيَّةَ له، لم يَلْزَمْه شىءٌ؛ لأنَّه ليس بصَريحٍ فى الظِّهارِ، ولا نَوَى به الظِّهارَ. وإِنْ نَوَى به (٣٢) الظِّهارَ، أو اقْتَرَنَتْ به قرينةٌ (٣٥) تدلُّ على إرادتِه الظِّهارَ، مِثْلَ أَنْ يُعَلِّقَه على شَرْطٍ، فيقولَ: علىَّ الحرامُ إنْ كلَّمْتُكِ. احْتَمَلَ أَنْ يكونَ ظِهارًا؛ لأنَّه أحَدُ نَوْعَىْ تحْريمِ الزَّوْجةِ، فَصَحَّ بالكِنايةِ مع النِّيَّة، كالطَّلاقِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَثْبُتَ به الظِّهارُ؛ لأنَّ الشَّرْعَ إنَّما وَرَدَ به بصَرِيحِ لَفْظِه، وهذا ليس بصرِيحٍ فيه، ولأنَّه يمينٌ مُوجِبَةٌ


(٣٢) سقط من: ب.
(٣٣) فى م زيادة: "الثلاثة".
(٣٤) فى أ: "المظاهرة".
(٣٥) فى الأصل، ب: "نية".

<<  <  ج: ص:  >  >>