للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعَيْنِ، سَقَطَ القَطْعُ أيضًا؛ لأنَّ إقرارَه يَدُلُّ على تقدُّم مِلْكِهِ لها، فيَحْتَمِلُ أن تكونَ له حالَ أخْذِها. والمنصوصُ عن أحمدَ، أنَّ القطْعَ لا يسْقُطُ؛ لأنَّه مِلْكٌ تَجَدَّدَ سَبَبُه بعدَ وُجوبِ القَطْعِ، أشْبَهَ الهِبَةَ، ولأنَّ ذلك حِيلَةٌ على إسْقاطِ القَطْعِ بعدَ وُجوبِه، فلم يسْقُطْ بها، كالهِبَةِ.

١٥٨٥ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ أَخْرَجَها وَقِيمَتُها ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ، فَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى نَقَصَتْ قِيمتُهَا، قُطِعَ)

وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يسْقُطُ القَطْعُ؛ لأنَّ النِّصَابَ شَرْطٌ، فتُعْتَبَرُ اسْتدامَتُه. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (١). ولأنَّه نَقْصٌ حَدَثَ في العَيْنِ، فلم يَمْنَعِ القَطْعَ، كما لو حدثَ باسْتعمالِه، والنِّصَابُ شَرْطٌ لوُجوبِ القَطْعِ، فلا تُعْتَبَرُ استدامَتُه كالحِرْزِ. وما ذكرَه (٢) يَبْطُلُ بالحِرْزِ، فإنَّه لو زالَ الحِرْزُ أو مِلْكُه، لم يسْقُطْ عنه القطعُ، وسَواءٌ نَقَصَتْ قيمتُها قبلَ الحُكْمِ أو بعدَه؛ لأنَّ سببَ الوُجوبِ السَّرِقَةُ، فيُعْتَبَرُ النِّصَابُ حِينَئِذٍ. فأمَّا إن نقصَ النِّصَابُ قبلَ الإِخْراجِ، لم يجبِ القَطْعُ؛ لعدمِ الشَّرْطِ قبلَ تَمامِ السَّبَبِ، وسواءٌ نقَصَتْ بفِعْلِه، أو بغيرِ فِعْله. وإن وُجِدَتْ ناقِصَةً، ولم يُدْرَ هل كانتْ ناقِصَةً حينَ السَّرِقَةِ أو حدَثَ النَّقْصُ بعدَها؟ لم يجبِ القَطْعُ؛ لأنَّ الوجوبَ لا يثْبُتُ مع الشَّكِّ في شَرْطِه، ولأنَّ الأصلَ عَدَمُه.

١٥٨٦ - مسألة؛ قال: (وَإذَا قُطِعَ، فَإنْ كَانَتِ السَّرِقَةُ بَاقِيَةً، رُدَّتْ إلى مَالِكِها، وَإنْ كَانَتْ تالِفَةً (١)، فَعَلَيْه قِيمَتُهَا [مُوسِرًا كَانَ أوْ مُعْسِرًا] (٢))


(١) سورة المائدة ٣٨.
(٢) في الأصل: "ذكر".
(١) في الأصل، ب: "متلفة".
(٢) في م: "سواء كان موسرا أو معسرا".

<<  <  ج: ص:  >  >>