للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسَه خطأً، كأنَّه أراد ضَرْبَ جارِحةٍ، فأصاب نَفْسَه، أو خاطَ جُرْحَه، فصادَفَ اللَّحْمَ الحَيَّ، فلا قِصَاصَ على شَرِيكِه، في أصَحِّ الوَجْهينِ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ عليه القِصاصَ، بِناءً على الرِّوايتَيْنِ في شرِيكِ الخاطئِ.

فصل: فإن جَرَحَه إنسانٌ، فتَداوَى بسُمٍّ فمات، نَظَرْتَ؛ فإن كان سُمَّ ساعةٍ يَقْتُلُ (١٠) في الحالِ، فقد قَتَلَ نَفْسَه، وقَطَعَ سِرايةَ الجُرْحِ، وجَرَى مَجْرَى مَنْ ذَبَحَ نَفْسَه بعدَ أن جُرِحَ، ونَنْظُرُ في الجُرْحِ، فإن كان مُوجِبًا للقِصاصِ، فلِوَليِّه اسْتِيفاؤُه، وإن لم يكُنْ مُوجِبًا له، فلِوَلِيِّه الأرْشُ، وإن كان السُّمُّ لا يَقْتُلُ في الغالِبِ، وقد يَقْتُلُ، ففِعْلُ (١١) الرَّجُلِ في نَفْسِه عَمْدُ خطإٍ، والحكمُ في شَرِيكه كالحُكْمِ في شَرِيكِ الخاطئِ، وإذا لم يَجِبِ القِصاصُ، فعلى الجارِحِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وإن كان السُّمُّ يَقْتُلُ غالبًا بعدَ مُدَّةٍ، احْتَمَلَ أن يكونَ عَمْدَ الخَطِإِ أيضًا؛ لأنَّه لم يَقْصدِ القَتْلَ، إنَّما قَصَدَ التَّدَاوِي، فيكونُ كالذي قَتَلَه، واحْتَمَلَ أن يكونَ في حُكْمِ العَمْدِ، فيكونَ في شَرِيكِه الوَجْهان المذكُوران في الفَصْلِ الذي قبلَه. وإن جُرِحَ رَجُلٌ، فَخاطَ جُرْحَه، أو أمرَ غيرَه فخاطَه له، وكان ذلك ممَّا يجوزُ أن يَقْتُلَ، فحكمُه حكمُ ما لو شَرِبَ سُمًّا يجوزُ أن يَقْتُلَ، على ما مَضَى فيه. وإن خاطَه غيرُه بغيرِ إذْنِه كُرْهًا، فهما قاتِلان عليهما القَوَدُ. وإن خاطَه وَلِيُّه، أو الإِمامُ، وهو ممَّن لا وِلايةَ عليه، فهما كالأجْنَبِيِّ، وإن كان لهما عليه وِلايةٌ، فلا قَوَدَ عليهما؛ لأنَّ فِعْلَهُما جائزٌ لهما، إذْ لهما مُداواتُه، فيكونُ ذلك خطأً. وهل على الجارِحِ القَوَدُ؟ فيه وَجْهان، بِناءً على شَرِيكِ الخاطئِ.

١٤٣٥ - مسألة؛ قال: (ودِيَةُ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ، وإنْ بَلَغَتْ دِيَاتٍ)

أجمعَ أهلُ العلمِ على (١) أنَّ في العَبْدِ، الذي لا تَبْلُغُ قِيمَتُه دِيَةَ الحُرِّ، قِيمَتَه. وإن


(١٠) في ب: "فقتل".
(١١) في ب، م: "بفعل".
(١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>