للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ورُوِىَ عن أبى بكرٍ وعمرَ، رَضى اللَّه عنهما: لا عِدّةَ عليها. وهو قولُ الثَّوْرِىِّ، والشافعىِّ] (١٩)، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ العِدَّةَ لحِفْظِ النَّسَبِ، ولا يَلْحَقُه نَسَبٌ. وقد رُوِىَ عن علىٍّ، رضَى اللَّه عنه، ما يَدُلُّ على ذلك. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ يَقتَضِى شَغْلَ الرَّحِمِ، فوَجَبَتِ العِدَّةُ منه، كوَطْءِ الشُّبْهةِ. وأمَّا وُجُوبُها كعِدَّةِ المُطَلَّقةِ، فلأنَّها حُرّةٌ، فوَجَبَ اسْتِبْراؤُها بعِدَّةٍ كاملةٍ، كالموْطوءةِ بشُبْهةٍ. وقولُهم: إنَّما تَجِبُ لحِفْظِ النَّسَبِ. لا يَصِحُّ، فإنَّها لو اخْتصَّتْ بذلك، لَما وَجَبَتْ على المُلاعِنَةِ المَنْفِىِّ وَلَدُها، والآيِسَةِ، والصغيرةِ، ولَما وَجَبَ اسْتِبْراءُ الأَمَةِ التى لا يَلْحَقُ ولَدُها بالبائعِ، ولو وَجَبَتْ لذلك، لَكان اسْتِبْراءُ الأَمَةِ على البائعِ، ثم لو ثَبَتَ أنَّها وَجَبَتْ لذلك، فالحاجةُ إليها داعِيةٌ؛ فإنَّ المَزْنِىَّ بها إذا تزَوّجَتْ قبلَ الاعْتِدادِ، اشْتَبَه ولدُ الزَّوْجِ بالوَلَدِ من الزِّنَى (٢٠)، فلا يَحْصُلُ حِفْظُ النَّسَبِ.

١٣٣٩ - مسألة؛ قال، رحمه اللَّه تعالى: (وإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَقَدْ خَلَا بِهَا، فعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ غَيْرَ الْحَيْضةِ الَّتِى طَلَّقَهَا فِيهَا)

فى هذه المسألةِ ثلاثةُ فصولٍ:

أحدها: أَنَّ العِدَّةَ تَجِبُ على كلِّ مَنْ خَلَا بها زَوْجُها، وإن لم يَمَسَّها. ولا خِلَافَ بين أهلِ العلمِ فى وُجُوبِها على المُطَلَّقةِ بعدَ المَسِيسِ، فأمَّا إن خَلَا بها ولم يُصِبْها، ثم طَلّقَها، فإنَّ مَذْهَبَ أحمدَ وُجُوبُ العِدَّةِ عليها. ورُوِىَ ذلك عن الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ، وزيدٍ، وابن عمرَ. وبه قال عُرْوَةُ، وعلىُّ بن الحُسَيْنِ، وعَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعىُّ، وإسْحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، والشافعىُّ فى قديمِ قَوْلِه (١). وقال


(١٩) سقط من: ب.
(٢٠) فى ب: "المزنى".
(١) فى أ، م: "قوليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>