للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان مَمْنُوعًا منه (١٢)، كحالةِ الابْتِداءِ، فإنَّ اسْتِدامَةَ الإِمْساكِ إمْساكٌ؛ بِدَلِيلِ أنَّه لو حَلَفَ لا يُمْسِكُ شيئًا فاسْتَدَامَ إمْسَاكَه، حَنِثَ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه متى أرْسَلَه لم يَزُلْ مِلْكُه عنه، ومَن أخَذَهُ رَدَّهُ عليه (١٣) إذا حَلَّ، ومن قَتَلَهُ ضَمِنَهُ له؛ لأنَّ مِلْكَه كان عليه، وإزالَةُ اليَدِ (١٤) لا تُزِيلُ المِلْكَ، بِدَلِيلِ الغَصْبِ والعَارِيَّةِ. فإن تَلِفَ في يَدِهِ قبلَ إرْسَالِه بعدَ إمْكَانِه، ضَمِنَهُ؛ لأنَّه تَلِفَ تحتَ اليَدِ العَادِيَةِ، فلَزِمَهُ الضَّمَانُ، كمالِ الآدَمِىِّ. وإن كان قبلَ إمْكانِ الإِرْسالِ، فلا ضَمانَ عليه (١٣)؛ لأنَّه [ليس بِمُفَرِّطٍ ولا مُتَعَدٍّ فإنْ أرْسَلَه إنْسَانٌ من يَدِهِ، فلا ضَمانَ عليه؛ لأّنَّه] (١٥) فَعَلَ ما يَلْزَمُه فِعْلُه، ولأنَّ اليَدَ قد زَالَ حُكْمُها وحُرْمَتُها، فإن أمْسَكَه حتى حَلَّ، فمِلْكُه بَاقٍ عليه؛ لأنَّ مِلْكَه لم يَزُلْ بالإِحْرامِ، وإنَّما زالَ حُكْمُ المُشَاهَدَةِ، فصارَ كالعَصِيرِ يَتَخَمَّرُ، ثم يَتَخَلَّلُ قبلَ إرَاقتِه.

فصل: ولا يَمْلِكُ المُحْرِمُ الصَّيْدَ ابْتِدَاءً بِالْبَيْعِ، ولا بِالهِبَةِ، ونَحْوِهما من الأسْبابِ، فإنَّ الصَّعْبَ بنَ جَثَّامةَ أهْدَى إلى رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِمَارًا وَحْشِيًّا، فرَدَّهُ عليه، وقال: "إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلَّا أنَّا حُرُمٌ" (١٦). فإن أخَذَه بأحَدِ هذه الأسْبابِ، ثم تَلِفَ، فعليه جَزاؤُهُ. وإن كان مَبِيعًا، فعليه القِيمَةُ [لمالِكِه مع الجزاءِ؛ لأنّ مِلكَه لم يَزُلْ عنه. وإنْ أخَذَه رَهنًا، فلا شىءَ عليه سوى الجزاءِ. وإنْ لم يتلَفْ فَعلَيه] (١٧) رَدُّه إلى مَالِكِه. فإن أرْسَلَه، فعليه ضَمَانُه، كما لو أتْلَفَهُ، وليس عليه جَزَاءٌ، وعليه رَدُّ المَبِيعِ أيضا. ويَحْتَمِلُ أن يَلْزَمَه إرْسَالُه، كما لو كان مَمْلُوكًا


(١٢) سقط من: "الأصل".
(١٣) سقط من: أ، ب، م.
(١٤) في أ، ب، م: "الأثر".
(١٥) سقط من: أ. نقلة نظر.
(١٦) تقدم تخريجه في صفحة ١٣٦.
(١٧) في ب، م: "أو".

<<  <  ج: ص:  >  >>