للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن رَفْعِ البَصرِ في الصلاةِ، وهذا يَخُصُّ الكَثِيرَ، فعلَى هذا يكونُ اليَسِيرُ مثلَ دَرَجَةِ المِنْبَرِ ونَحْوِها، لما ذَكَرْنَا في حَدِيثِ سَهْلٍ، واللهُ أعلمُ.

فصل: فإنْ صَلَّى الإِمامُ في مكانٍ أعْلَى من المَأْمُومِينَ، فقال ابنُ حامِدٍ: لا تَصِحُّ صَلَاتُهم. وهو قولُ الأوْزَاعِيِّ؛ لأنَّ النَّهْىَ يَقْتَضِى فَسادَ المَنْهِيِّ عنه. وقال القاضي: لا تَبْطُلُ. وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ عَمَّارًا أَتَمَّ صلاتَه؛ ولو كانت فَاسِدَةً لَاسْتَأْنَفَها، ولأنَّ النَّهْىَ مُعَلَّلٌ بما يُفْضِى إليه من رَفْعِ البَصَرِ في الصلاةِ، وذلك لا يُفْسِدُها، فسَبَبُه أوْلَى.

فصل: وإنْ كان مع الإِمامَ مَن هو مُسَاوٍ له أو أعْلَى منه، ومَن هو أسْفَلُ منه (١٠) اخْتَصَّتِ الكَرَاهَةُ بمَن هو أسْفَلُ منه؛ لأنَّ المَعْنَى وُجِدَ فيهم دون غَيْرِهم، ويَحْتَمِلُ أن يَتَنَاوَلَ النَّهْيُ الإِمامَ؛ لِكَوْنِه مَنْهيًّا عن القِيامِ في مكانٍ أعْلَى من مُقَامِهِم، فعلَى هذا الاحْتِمَالِ تَبْطُلُ صَلَاةُ الجَمِيعِ عندَ من أبْطَلَ الصَّلَاةَ بارْتِكَابِ النَّهْىِ.

٢٥٩ - مسألة؛ قال: (وَمَن صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ، أوْ قَامَ بِجَنْبِ الإِمَامِ عَنْ يَسَارِه، أعَادَ الصَّلَاةَ)

وجُمْلَتُه أنَّ مَن صَلَّى وَحْدَه رَكْعَةً كامِلَةً، لم تَصِحَّ صَلاتُه. وهذا قولُ النَّخَعِيِّ، والحَكَمِ، والحَسَنِ بن صَالحٍ، وإسْحاقَ، وابنِ المُنْذِر. وأجَازَه الحسنُ، ومالِكٌ، والأوْزَاعِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ؛ لأن أبا بَكْرَةَ (١) رَكَعَ دونَ الصَّفِّ، فلم يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإِعادَةِ، ولأنه مَوْقِفٌ لِلْمَرْأَةِ فكان مَوْقِفًا لِلرَّجُلِ، كما لو كان مع جَمَاعَةٍ. ولَنا، ما رَوَى وَابِصَةُ بن مَعْبَدٍ، أنَّ النَّبِيَّ


(١٠) سقط من: الأصل، أ.
(١) في النسخ: "أبا بكر". ويأتي الحديث بألفاظه في المسألة ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>