للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْتَمِلُ أن يُولَدَ لمِثْلِه. الرابع، أن يكونَ مِمَّنْ لا قَوْلَ له، كالصَّغِيرِ والمَجْنُونِ، أو يُصَدِّقَ المُقِرَّ إن كان ذا قَوْلٍ، وهو المُكَلَّفُ، فإن كان غيرَ مُكَلَّفٍ، لم يُعْتَبَرْ تَصْدِيقُه. فإن كَبِرَ وعَقَلَ، فأنْكَرَ، لم يُسْمَعْ إنْكَارُه؛ لأنَّ نَسَبَهُ ثابِتٌ، وجَرَىَ ذلك مَجْرَى مَن ادَّعَى مِلْكَ عَبْدٍ صَغِيرٍ في يَدِه، وثَبَتَ بذلك مِلْكُه، فلما كَبِرَ جَحَدَ ذلك. ولو طَلَبَ إحْلَافَهُ على ذلك، لم يُسْتَحْلَفْ؛ لأنَّ الأَبَ لو عَادَ فجَحَدَ النَّسَبَ، لم يُقْبَلْ منه. وإن اعْتَرَفَ إِنْسَانٌ بأنَّ هذا أَبُوهُ، فهو كاعْتِرَافِه بأنَّه ابْنُه. فأمَّا إن كان إِقْرَارًا عليه وعلى غيرِه، كإِقْرَارٍ بأَخٍ، اعْتُبِرَ فيه الشُّرُوطُ الأَرْبَعَة، وشَرْطٌ خامِسٌ، وهو كَوْنُ المُقِرِّ جَمِيعَ الوَرَثَةِ، فإن كان المُقِرُّ زَوْجًا أو زَوْجَةً لا وَارِثَ معهما، لم يَثْبُتِ النَّسَبُ بإِقْرَارِهِما؛ لأنَّ المُقِرَّ لا يَرِثُ المالَ كلَّه، وإن اعْتَرَفَ به الإِمَامُ معه، ثَبَتَ النَّسَبُ؛ لأنَّه قائِمٌ مَقامَ المُسْلِمِينَ، في مُشَارَكَةِ الوارِثِ وأَخْذِ الباقِى. وإن كان الوَارِثُ بِنْتًا أو أُخْتًا أو أُمًّا أو ذا فَرْضٍ يَرِثُ جَمِيعَ المالِ بالفَرْضِ والرَّدِّ، ثَبَتَ النَّسَبُ بقَوْلِه، كالابْنِ؛ لأنَّه يَرِثُ المالَ كلَّه. وعندَ الشّافِعِىِّ: لا يَثْبُتُ بِقَوْلِه النَّسَبُ؛ لأنَّه لا يَرَى الرَّدَّ، ويَجْعَلُ الباقِىَ لِبَيْتِ المالِ. ولهم فيما إذا وافَقَه الإِمامُ في الإِقْرَارِ وَجْهَانِ. وهذا من فُرُوعِ الرَّدِّ، ويُذْكَرُ في مَوْضِعِه. وإن كانت بِنْتٌ وأُخْتٌ، أو أُخْتٌ وزَوْجٌ، ثَبَتَ النَّسَبُ بقَوْلِهِما؛ لأنَّهما يَأْخُذَانِ المالَ كلَّه. وإذا أقَرَّ بِابْنِ ابْنِه، وابْنُه مَيِّتٌ، اعْتُبِرَ (١٣) فيه الشُّرُوطُ التي تُعْتَبَرُ في الإِقْرَارِ بالأَخِ، وكذلك إن أقَرَّ بعَمٍّ وهو ابنُ جَدِّه، فعلى ما ذَكَرْنَاهُ.

فصل: وإن كان أحَدُ الوَلَدَيْنِ غيرَ وارِثٍ، لكَوْنِه رَقِيقًا، أو مُخَالِفًا لِدِينِ مَوْرُوثِه، أو قاتِلًا، فلا عِبْرَةَ به، وثَبَتَ النَّسَبُ بقَوْلِ الآخَرِ وَحْدَه؛ لأنَّه يحوزُ جَمِيعَ المِيرَاثِ. ثم إن كان المُقَرُّ به يَرِثُ، شَارَكَ المُقِرَّ في المِيرَاثِ، وإن كان غيرَ وارِثٍ، لِوُجُودِ أحَدِ المَوَانِعِ فيه، ثَبَتَ نَسَبُه ولم يَرِثْ؛ وسواءٌ كان المُقِرُّ مُسْلِمًا أو كافِرًا.


(١٣) في أ: "اعتبرت".

<<  <  ج: ص:  >  >>