للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روَى ابنُ مسعودٍ، قال: فقَدِمْتُ علَى رَسُولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عليه. فلم يَرُدَّ علىَّ السَّلامَ، فأخَذَنِى ما قَدُمَ وما حَدَثَ، فلمَّا قَضَى رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصَّلاةَ قال: "إِن اللهَ يُحْدِثُ مِن أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وإنَّ اللهَ قَدْ أحْدَثَ أنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلاةِ". فَرَدَّ عَلَىَّ السَّلامَ (٥٧). وقد رَوَى صُهَيْب، قال: مَرَرْتُ برسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عليه، وكَلَّمْتُه فَردَّ إشَارَةً. قال بعضُ الرُّوَاةِ: ولا أعْلَمُه إلَّا قال إشارَةً بإصْبَعِه (٥٨). وعن ابْنِ عمرَ، قال: خَرَجَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى قُبَاءَ، فصَلَّى فيه قال: فجاءَتْه الأنْصارُ فَسَلَّمُوا عليه وهو يُصَلِّي، قال: فقلتُ لِبِلالٍ: كيف رأيتَ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَرُدُّ عليهم حين كانوا يُسَلِّمُونَ عليه وهو يُصَلِّي؟ قال يَعْقُوبُ: هكذا. وبَسَطَ - يَعْنِى كَفَّه - وجَعَلَ بَطْنَه أسْفَلَ، وظَهْرَه إلى فَوْقَ. قال التِّرمِذِيّ: كِلَا الحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ. رَوَاهما أبو دَاوُدَ (٥٩)، والأثْرَمُ، وقد ذكرْنا ذلك فيما مَضَى.

فصل: وإذا دَخَلَ قَوْمٌ على قَوْمٍ وهم يُصَلُّونَ، فَسُئِلَ أحمدُ عن الرَّجُلِ يَدْخُلُ على القَوْمِ وهم يُصَلُّونَ، أَيُسِلِّمُ عليهِم؟ قال: نعم. ورَوَى ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ أنَّه سَلَّمَ على مُصَلٍّ. وفَعَل ذلك ابنُ عمرَ، وكَرِههُ عَطَاءٌ، وأَبُو مِجْلَزٍ، والشَّعْبِيُّ، وإسْحَاقُ؛ لأنَّه رُبَّما غَلِطَ المُصَلِّى فرَدَّ عليه كلامًا (٦٠). وقد رَوَى مالِكٌ في مُوَطَّإِهِ (٦١): أنَّ ابْنَ عمرَ سَلَّمَ على رَجُلٍ وهو يُصَلِّي، فَرَدَّ عليه السَّلامَ، فرَجَع إليه ابْنُ عمرَ، فَنَهَاهُ عن ذلك، ومَنْ ذَهبَ إلى تَجْوِيزِه احْتَج بِقولِ اللَّه تِعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (٦٢) أي على أهلِ دِينِكم، ولأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين سَلَّمَ


(٥٧) انظر تخريج حديث: "إن في الصلاة لشغلا" في حواشى الصفحة السابقة.
(٥٨) تقدم في صفحة ٤١٢.
(٥٩) في: باب رد السلام في الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٢١٢.
(٦٠) في أ، م: "السلام".
(٦١) لم نجده في نسخة الموطأ التي بين أيدينا.
(٦٢) سورة النور ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>