للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحَجِّ، وليسَ له أصْلٌ يُعْتَبَرُ به (٣٨)، واللهُ أعلمُ.

٣٩٦ - مسألة؛ قال: (وتُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ)

اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عن أحمدَ في زِيارةِ النِّسَاءِ القُبُورَ، فرُوِىَ عنه كَراهتُه (١)؛ لما رَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، قالت: نُهِينَا عن زِيَارَةِ القُبُورِ ولم يُعْزَمْ علينا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢). ولأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَعَنَ اللهُ زَوَّارَاتِ القُبُورِ" (٣). قال التِّرمِذِيُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ (٤) صَحِيحٌ. وهذا خَاصٌّ في النِّساءِ، والنَّهْيُ المَنْسُوخُ كان عَامًّا لِلرِّجَالِ والنِّساءِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه كان خَاصًّا لِلرِّجالِ. ويَحْتَمِلُ أيضًا كَوْنَ الخَبَرِ في لَعْنِ زَوَّارَاتِ القُبُورِ، بعدَ أمْرِ الرِّجَالِ بِزِيارَتِها، فقد دارَ بين الحَظْرِ والإِباحَةِ، فأقَلُّ أَحْوَالِه الكَرَاهَةُ. ولأنَّ المَرْأَةَ قَلِيلَةُ الصَّبْرِ، كثيرةُ الجَزَعِ، وفي زِيارَتِها لِلْقَبْرِ (٥) تَهْيِيجٌ لِحُزْنِها، وتَجْدِيدٌ لِذِكْرِ مُصَابِها، فلا يُؤْمَنُ أن يُفْضِيَ بها ذلك إلى فِعْلِ ما لا يجوزُ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ، ولهذا اخْتَصَصْنَ بالنَّوْحِ والتَّعْدِيدِ، وخُصِصْنَ بالنَّهْيِ عن الحَلْقِ والصَّلْقِ (٦) ونحوِهما. والرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لا يُكْرَهُ؛ لِعُمُومِ قَوْلِه عليه السَّلامُ: "كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوهَا" (٧). وهذا يَدُلُّ على سَبْقِ النَّهْيِ ونَسْخِهِ، فيَدْخُلُ في عُمُومِه الرِّجالُ والنِّساءُ. وَرُوِيَ عن ابنِ أبي مُلَيْكَةَ، أنَّه قال لعائشةَ: يا أُمَّ المُؤمنين، مِنْ (٨) أين أقْبَلْتِ؟ قالت: مِنْ قَبْرِ أخِي عبدِ


(٣٨) سقط من: الأصل.
(١) في م: "كراهتها".
(٢) لم يرو مسلم حديثًا بهذا اللفظ، إنما أخرج حديث أم عطية في النهي عن اتباع الجنائز، وقد تقدم تخريجه في صفحة ٤٠١.
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ٤٤٠.
(٤) سقط من: أ، م.
(٥) في الأصل: "القبر".
(٦) الصلق: الصوت الشديد.
(٧) تقدم تخريجه في صفحة ٥١٧.
(٨) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>