للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو مَظْنُونٌ، صَحَّ الصَّرْفُ. وإنْ ظَنَّ أنَّه غيرُ مَوْجُودٍ، لم يَصِحَّ الصَّرْفُ؛ لأنَّ حُكْمَه حُكْمُ المَعْدُومِ. وإنْ شَكَّ فيه فقال ابنُ عَقِيلٍ: يَصِحُّ. وهو قولُ بعضِ الشَّافِعِيَّةِ. وقال القاضِى: لا يَصِحُّ؛ لأنَّه غيرُ مَعْلُومِ البَقَاءِ. وهو مَنْصُوصُ الشَّافِعِىِّ. وَوَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ الأصْلَ بَقاؤُه، فصَحَّ البِناءُ عليه عند الشَّكِّ، فإنَّ الشَّكَّ لا يُزِيلُ اليَقِينَ؛ ولذلك صَحَّ بَيْعُ الحَيوانِ الغائِبِ المَشْكُوكِ فى حَياتِه، فإنْ تَبَيَّنَ أنَّه كان تالِفًا حين العَقْدِ، تَبَيَّنَّا أنَّ العَقْدَ وَقعَ باطِلًا.

فصل: ولا يَجُوزُ بَيْعُ تُرابِ الصَّاغَةِ والمَعْدِنِ بشىءٍ من جِنْسِه؛ لأنَّه مالُ رِبًا بِيعَ بجِنْسِه على وَجْهٍ لا تُعْلَمُ المُماثَلَةُ بينهما، فلم يَصِحَّ، كبَيْعِ الصُّبْرَةِ بالصُّبْرَةِ. وإنْ بِيعَ بغير جِنْسِه، فحَكَى ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ، كراهَةَ بَيْعِ تُرابِ المَعادِنِ. وهو قولُ عَطاءٍ، والشَّافِعِىِّ، والشَّعْبِىِّ، والثَّوْرِىِّ، والأَوْزاعِىِّ، وإسْحاقَ (٢٩)؛ لأنَّه مَجْهُولٌ. وقال ابنُ أبى مُوسَى فى "الإِرْشادِ": يجوزُ ذلك. وهو قولُ مالِكٍ. ورُوِىَ ذلك عن الحَسَنِ، والنَّخَعِىِّ، ورَبِيعَةَ، واللَّيْثِ (٣٠)، قالوا: فإنِ اخْتَلَطَ، أو أشْكَلَ فلْيَبِعْه بِعَرْضٍ، ولا يَبِعْه بِعَيْنٍ ولا وَرِقٍ؛ لأنَّه باعَهُ بما لا رِبا فيه، فجازَ، كما لو اشْتَرَى ثَوْبًا بدِينارٍ ودِرْهَمٍ.

٧١٨ - مسألة؛ قال: (وَالْعَرَايَا الَّتِى أَرْخَصَ فِيهَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ هُوَ أنْ يُوهَبَ لِلْإِنْسَانِ مِنَ النَّخْلِ مَا لَيْسَ فِيهِ خمْسَةُ أَوْسُقٍ، فَيَبِيعَها بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ لِمَنْ يَأْكُلُهَا رُطَبًا)

فى هذه المَسْأَلَةِ فُصُولٌ خمسةٌ:

أَوَّلُها، فى إباحَةِ بَيْعِ العَرايا فى الجُمْلَةِ. وهو قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. منهم مالِكٌ، وأهْلُ المَدِينَةِ، والأوْزَاعِىُّ، وأهْلُ الشَّامِ، والشَّافِعِىُّ، وإسْحاقُ، وابنُ


(٢٩) سقط من: الأصل.
(٣٠) فى الأصل زيادة: "والشافعى".

<<  <  ج: ص:  >  >>