للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباسٍ قال: قريشٌ بعضُهم أكْفاءُ بعضٍ. والرواية الثانية عن أحمدَ، أنَّ العربَ بعضُهم لبعضٍ أكْفاء، والعَجَمُ بعضُهم لبعضٍ أكفاءٌ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- زَوَّجَ ابْنتَيْه عُثمانَ، وزَوَّجَ أبا العاص بن الرَّبيعِ زَيْنَبَ، وهما من بنى عبدِ شَمْسٍ، وزوجَ علىٌّ عمرَ ابْنَتَه أُمَّ كُلْثومٍ، وتزَوّجَ عبدُ اللَّه بن عمرِو (١٨) بن عثمانَ فاطمةَ بنتَ الحُسَيْنِ بن علىٍّ، وتزوَّجَ المُصْعَبُ بن الزُّبَيْرِ أُخْتَها سُكَيْنةَ، وتزَوَّجها أيضًا عبدُ اللَّه بن عمانَ بن حَكِيمِ بن حِزَامٍ، وتزوَّجَ المِقْدادُ بن الأسْودِ ضُبَاعةَ ابنةَ الزُّبَيْرِ بن عبدِ المُطَّلِبِ ابنةَ عَمِّ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وزَوَّجَ أبو بكرٍ أُخْتَه أمَّ فَرْوَةَ الأشْعَثَ بن قَيْسٍ، وهما كِنْدِيَّانِ، وتزَوَّجَ أسامةُ بن زيدٍ فاطمةَ بنتَ قَيْس، وهى من قُرَيْشٍ، ولأنَّ العَجَمَ والمَوالِى بعضُهم لبعضٍ أكْفاءٌ، وإن تَفاضَلُوا، وشَرُفَ بعضُهم على بعضٍ، فكذلك العَرَبُ.

فصل: فأمَّا الحُرِّيَّةُ، فالصَّحيحُ أنَّها من شُروطِ الكَفاءةِ، فلا يكونُ العبدُ كُفْؤًا لحُرَّةٍ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَيَّرَ بُرِيرَةَ حين عَتَقَتْ تحت عبدٍ. فإذا ثَبَتَ الخيارُ بالحُرِّيَّةِ الطَّارِئَةِ (١٩)، فبالحُرِّيَّةِ المُقارنةِ أَوْلَى. ولأنَّ نَقْصَ الرِّقِّ كبيرٌ، وضَرَرُه بَيِّنٌ، فإنه مَشْغُولٌ عن امْرأتِه بحُقُوقِ سَيِّدِه، ولا ينفِقُ نَفَقةَ المُوسِرِينَ، ولا يُنْفِقُ على وَلَدِه، وهو كالمَعْدُوم بالنِّسْبةِ إلى نَفْسِه. ولا يَمْنَعُ (٢٠) صِحَّةَ النِّكاحِ؛ فإنَّ (٢١) النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لِبَرِيرَةَ: "لَوْ رَاجَعْتِيهِ". قالتْ: يا رسولَ اللَّه، أتأْمُرُنِى؟ قال: "إنَّما أنَا شَفِيعٌ". قَالتْ: فلا حاجةَ لى فيه. روَاه البُخارِىُّ (٢٢). ومُرَاجَعَتُها له ابتداءُ النِّكاحِ، فإنَّه قد


(١٨) فى الأصل: "عمر".
وعبد اللَّه بن عمرو بن عثمان هو الذى يلقب بالمطرف لحسنه. تهذيب التهذيب ٥/ ٣٣٨.
(١٩) فى م: "الظاهرية".
(٢٠) فى الأصل زيادة: "من".
(٢١) فى م: "لأن".
(٢٢) فى: باب شفاعة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- فى زوج بريرة، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى ٧/ ٦٢.
كما أخرجه النسائى، فى: باب شفاعة الحاكم للخصوم قبل فصل الحكم، من كتاب القضاة. المجتبى ٨/ ٢١٥. وابن ماجه، فى: باب خيار الأمة إذا أعتقت، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٧١. والدارمى، فى: باب =

<<  <  ج: ص:  >  >>