للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَعْهُودِ شَرْعًا، والمَعْهُودُ فى الهَدْىِ الوَاجِبِ بِالشَّرْعِ، كَهَدْىِ المُتْعَةِ والقِرَانِ وأشْبَاهِهما، أنَّ ذَبْحَها يكونُ فى الحَرَمِ، كذا هاهُنا. وإن عَيَّنَ نَذْرَهُ بِمَوْضِعٍ غيرِ الحَرَمِ، لَزِمَه (١٤) ذَبْحُه به، وتَفْرِقَةُ لَحْمِه على [مَسَاكِينِ الحَرَمِ] (١٥)، أو إطْلَاقُه (١٦)؛ لما رُوِىَ أنَّ رَجُلا أتَى النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: إنِّى نَذَرْتُ أن أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ (١٧). قال: "أبِهَا صَنَمٌ؟ ". قال: لا. قال: "أوْفِ بِنَذْرِكَ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (١٨). وإن نَذَرَ الذّبْحَ بمَوْضِعٍ به صَنَمٌ، أو شىءٌ من أمْرِ الكُفْرِ أو المَعاصِى، كبُيُوتِ النَّارِ، أو الكَنائِسِ والْبِيَعِ، وأشْباهِ ذلك، لم يَصِحَّ نَذْرُه، بمَفْهُومِ هذا الحَدِيثِ، ولأنَّه نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، فلا يُوفَى به؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا نَذْرَ فِى مَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالَى، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ" (١٩). وقَوْلِه: "مَنْ نَذَرَ أنْ يَعْصِىَ اللهَ فَلَا يَعْصِهِ" (٢٠).

فصل: وقَوْلُ الخِرَقِىِّ: "إنْ قَدَرَ عَلَى إيصَالِهِ إلَيْهِمْ". يَدُلُّ على أنَّ العَاجِزَ عن إيصالِه لا يَلْزَمُه إيصَالُه، فإنَّ اللهَ لا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا. فإن مُنِعَ النَّاذِرُ


(١٤) فى الأصل: "لزم".
(١٥) فى الأصل: "مساكينه".
(١٦) فى م: "وإطلاقه".
(١٧) بوانة: هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر. معجم البلدان ١/ ٧٥٤.
(١٨) فى: باب ما يؤمر من الوفاء عن النذر، من كتاب الأيمان. سنن أبى داود ٢/ ٢١٣.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب الوفاء بالنذر، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه ١/ ٦٨٨. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٦٤، ٦/ ٣٦٦.
(١٩) أخرجه مسلم، فى: باب لا وفاء لنذر فى معصية اللَّه. . .، من كتاب النذر. صحيح مسلم ٣/ ١٢٦٢. وأبو داود، فى: باب ما يؤمر به من الوفاء عن النذر، وباب فى النذر فيما لا يملك، من كتاب الأيمان. سنن أبى داود ٢/ ٢١٣، ٢١٥. والنسائى، فى: باب كفارة النذر، من كتاب الأيمان. المجتبى ٧/ ٢٧، ٢٨. والدارمى، فى: باب لا نذر فى معصية اللَّه، من كتاب النذور. سنن الدارمى ٢/ ١٨٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٤٣٠.
(٢٠) أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٣٦، ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>