للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان علىٌّ أناخَ شارِفَيْن له بفِنَاءِ البيتِ الذي فيه حمزةُ، فقامَ إليها، فبَقَرَ بُطونَها، واجتثَّ أسْنِمَتَها، فذهبَ علىٌّ فاسْتَعْدَى عليه رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-, فجاءَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا حمزةُ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاه، فلامَه النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنظَرَ إليه وإلى زيدِ بن حارثةَ، فقال: وهل أنتم إلَّا عَبِيدٌ لأبِى! فانْصرَفَ عنه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١٨)، فقد فَهِمَ ما قالتِ القَيْنَةُ في غنائِها، وعَرَفَ الشَّارِفَيْن وهو في غايةِ سُكْرِه. ولأنَّ المجنونَ الذاهبَ العقلِ بالكُلِّيَّةِ يعْرِفُ السَّماءَ من الأرضِ، والرَّجُلَ من المرأةِ، مع ذَهابِ عَقْلِه، ورَفْعِ القلمِ عنه.

١٦٠١ - مسألة؛ قال: (وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ فِي سَائِرِ الحُدُودِ قَائِمًا بِسَوْطٍ لَا خلَقٍ، وَلَا جَدِيدٍ، ولا يُمَدُّ، وَلَا يُرْبَطُ، وَيُتَّقَى وَجْهُهُ)

قولُه: في سائرِ الحدودِ. يعني جميعَ الحدودِ التي فيها الضَّرْبُ، وفى هذه المسألةِ ثلاثُ مسائلَ:

أحدها، أنَّ الرَّجُلَ يُضْرَبُ قَائِمًا. وبه قالَ أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: يُضْرَبُ جالِسًا. وروَاه (١) حَنْبَلٌ، عن أحمدَ؛ لأنَّ اللهَ تعالى لم يأْمُرْ بالقيامِ، ولأنَّه مَجْلودٌ في حَدٍّ، فأشْبَهَ المرأةَ. ولَنا، قولُ عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه: لكلِّ مَوْضعٍ مِن (٢) الجسدِ حَظٌّ - يعني في الْحَدِّ - إلَّا الوَجْهَ والفَرْجَ (٣). وقال للجَلَّادِ: اضْرِبْ، وأوْجِعْ، واتَّقِ الرَّأْسَ والوَجْهَ (٣). ولأنَّ قيامَه وَسِيلةٌ إلى إعْطاءِ كلِّ عُضْوٍ حظَّه من الضَّربِ.


(١٨) أخرجه البخاري، في: باب بيع الحطب والكلأ، من كتاب المساقاة، وفى: باب حدثني خليفة. . ., من كتاب المغازى، وفى: باب الطلاق في الإِغلاق والكره والسكران، من كتاب الطلاق. صحيح البخاري ٣/ ١٤٩، ١٥٠, ٥/ ١٠٥ , ١٠٦ , ٧/ ٥٨. ومسلم، في: باب تحريم الخمر، وبيان أنها تكون من. . ., من كتاب الأشربة. صحيح مسلم ٣/ ١٥٦٨, ١٥٦٩. وأبو داود، في: باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذى القربى، من كتاب الخراج والفىء والإِمارة. سنن أبي داود ٢/ ١٣٤. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ١٤٢.
(١) سقطت الواو من: م.
(٢) في ب، م: "في".
(٣) أخرج نحوهما البيهقي, في: باب ما جاء في صفة السوط والضرب، من كتاب الأشربة والحد فيها. السنن الكبرى ٨/ ٣٢٧. وابن أبي شيبة، في: باب ما جاء في الضرب في الحد، من كتاب الحدود. المصنف ١٠/ ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>