للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَضَى. واختارَ ابنُ عَقِيلٍ في هذا كلِّه أنَّ البائِعَ إن قال: بِعْتُكَ هذه الأَرْضَ بِحُقوقِها. دَخَلَ فيها، وإن لم يَقُلْ: بِحُقوقِها. فهل يَدْخُلُ؟ على وَجْهَيْنِ، كالشَّجَرِ.

فصل: وإذا اشْتَرَى أرْضًا فيها بَذْرٌ، فَاسْتَحَقَّ المُشْتَرِى أصْلَه، كالرَّطْبَةِ، والنَّعْنَاعِ، والبُقُولِ التى تُجَزُّ مَرَّةً بعد أخْرَى، فهو له؛ لأنَّه تُرِكَ في الأَرْضِ لِلتَّبْقِيَةِ، فهو كأُصولِ الشَّجَرِ. ولأنَّه لو كان ظاهِرًا كان له، فالمُسْتَتِرُ أوْلَى، سواءٌ عَلِقَتْ عُروقُه في الأَرْضِ، أوْ لا. فإن كان بَذْرًا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ البائِعُ، فهو له، إلَّا أن يَشْتَرِطَهُ المُبْتاعُ، فيكونَ له. وقال الشَّافِعِيُّ: البَيْعُ باطِلٌ؛ لأنَّ البَذْرَ مَجْهولٌ، وهو مَقْصودٌ. ولنا، أنَّ البَذْرَ يَدْخُلُ تَبَعًا في البَيْعِ، فلم يَضُرَّ جَهْلُه، كما لو اشْتَرَى عَبْدًا، فَاشْتَرَطَ مَالَهُ. ويَجوزُ في التَّابِعِ (١٦) من الغَرَرِ ما لا يَجوزُ في المَتْبوعِ، كَبَيْعِ اللَّبَنِ في الضَّرْعِ مع الشَّاةِ، والحَمْلِ مع الأُمِّ، والسُّقوفِ في الدَّارٍ، وأساساتِ الحِيطانِ، تَدْخُلُ تَبَعًا في البَيْعِ، ولا تَضُرُّ جَهالَتُها، ولا تَجوزُ مُفْرَدَةً. وإن لم يَعْلَمِ المُشْتَرِى بذلك، فله الخِيَارُ في فَسْخِ البَيْعِ وإمْضائِه؛ لأنَّه يُفَوِّتُ عليه مَنْفَعَةَ الأَرْضِ عامًا. فإن رَضِىَ البائِعُ بتَرْكِه لِلْمُشْتَرِى، أو قال: أنا اُحَوِّلُه. وأَمْكَنَهُ ذلك في زَمَنٍ يَسيرٍ لا يَضُرُّ بمَنافِعِ الأَرْضِ، فلا خِيارَ لِلْمُشْتَرِى، لأنَّه أزالَ العَيْبَ بالنَّقْلِ، أو زادَهُ خَيْرًا بِالتَّرْكِ، فَلَزِمَهُ قَبُولُه، لأنَّ فيه تَصْحيحًا لِلْعَقْدِ، وهذا مذهبُ الشَّافِعِيِّ. وكذلك لو اشْتَرَى [نَخيلًا فيه] (١٧) طَلْعٌ، فبانَ أنَّه مُؤَبَّرٌ، فله الخِيارُ؛ لأنَّه يُفَوِّتُ المُشْتَرِىَ ثَمَرَةَ عَامِه، ويَضُرُّ بَقاؤُها بِنَخْلِه. فإن تَرَكَها له البائِعُ، لم يكن له خِيارٌ. فإن قال: أنا أَقْطَعُها الآن. لم يَسْقُطْ خِيارُه بذلك؛ لأنَّ ثَمَرَةَ العامِ تَفوتُ، سواءٌ قَطَعَها، أو تَرَكَها. وإن اشْتَرَى أرْضًا فيها زَرْعٌ للبائِعِ، أو شَجَرًا فيه ثَمَرٌ للبائِعِ، والمُشْتَرِى جاهِلٌ بذلك، يَظُنُّ أنَّ الزَّرْعَ والثَّمَرَ له، فله الخِيارُ أيضًا، كما لو جَهِلَ وُجودَهُ، لأنَّه إنَّما رَضِىَ بِبَذْلِ مَالِه عِوَضًا عن


(١٦) في الأصل: "التبع".
(١٧) في الأصل: "نخلا فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>