للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسْتَوْفَى دَيْنَه الحالَّ عندَ امْتِناعِ وَلِيِّه من اسْتيفائِه، فأمَّا إن تزَوَّجَ من غيرِ حاجةٍ، لم يَصِحَّ، فإن وَطِئَ الزَّوْجةَ، فعليه مَهْرُ المِثْلِ (٣٠)؛ لأنَّه أتْلَفَ بُضْعَها بشُبْهةٍ، فلَزِمَه عِوَضُ ما أتلَفَ، كما لو أتْلَفَ مالَها.

فصل: وليس لغيرِ الأبِ تَطْلِيقُ امرأةِ المُوَّلى عليه، سواءٌ كان ممَّن يَمْلِكُ التَّزْويجَ، كوَصِىِّ الأبِ والحاكمِ على قول ابن حامدٍ، أو لا يَمْلِكُه. لا نعلمُ فى هذا خلافًا. فأمَّا الأبُ إذا زَوَّجَ ابنَه الصغيرَ أو المجنونَ، فقد قال أحمدُ، فى رَجُلَيْنِ زَوَّجَ أحدُهما ابنَه بابْنةِ الآخَرِ، وهما صغيران، ثم إنَّ الأبوينِ كَرِهَا، هل لهما أن يَفْسَخَا؟ فقال: قد اخْتُلِفَ فى ذلك. وكأنَّه (٣١) رآه. قال أبو بكرٍ: لم يَبْلُغْنِى عن أبى عبدِ اللَّه فى هذه المسألةِ إلا هذه الرِّوايةُ، فتُخَرَّجُ على قَوْلَيْنِ؛ أحدهما، يَمْلِكُ ذلك. وهو قولُ عَطاءٍ، وقتادةَ؛ لأنَّها وِلايةٌ يَسْتَفِيدُ بها تَمْلِيكَ البُضْعِ، فجاز أن يَمْلِكَ بها إزالَتَه إذا لم يكُن مُتَّهَمًا، كالحاكمِ يَمْلِكُ الطَّلاقَ على الصغيرِ والمجنونِ بالإعْسَارِ (٣٢). والقولُ الثانى: لا يَمْلِكُ ذلك. وهو قولُ أبى حنيفةَ، ومالكٍ، والشافعىِّ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أخَذَ بِالسَّاقِ" (٣٣). ولأنَّه لا يَمْلِكُ البُضْعَ، فلا يَمْلِكُ الطَّلاقَ بنَفْسِه، كوَصِىِّ الأبِ والحاكِم، وكالسَّيِّدِ يُزَوِّجُ عبدَه الصغيرَ، وبهذه الأصولِ يَبْطُلُ دَلِيلُ القولِ الأوَّلِ.

فصل: وإذا ادَّعَتِ امرأةُ المجنونِ عُنَّتَه، لم تُضْرَبْ له مُدّةٌ؛ لأنَّها لا تَثْبُتُ إلَّا بإقْرارِ الزَّوْجِ، ولا حُكْمَ لإقرارِه. وإن أقَرَّ بالعُنَّةِ وهو صحيحٌ، فضُرِبَتْ له المدةُ ثم جُنَّ، وانْقَضَتِ المُدَّةُ، وطالبتِ المرأةُ بالفَسْخِ، لم يُفْسَخْ؛ لأنَّها إن كانت ثَيِّبًا فالقولُ قولُه، وإن كانت بِكْرًا فادَّعَى مَنْعَها إيَّاهُ نَفْسَها، أو أنَّه (٣٤) وَطِئَها فعادت عُذْرَتُها، فله


(٣٠) فى أ، ب: "مثلها".
(٣١) فى أ، م: "كأنه".
(٣٢) فى م: "بالاعتبار".
(٣٣) أخرجه ابن ماجه، فى: باب طلاق العبد، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٧٢.
(٣٤) فى م: "وأنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>