للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِصْحَاب النَّجَاسَةِ مع العِلْمِ بها زَمَنًا طَوِيلًا، أو يَعْمَلُ في الصَّلاةِ عَمَلًا كثيرًا، فَتَبْطُلُ به الصَّلاةُ، فصارَ كالعُرْيَانِ يَجِدُ السُّتْرَةَ بَعِيدَةً منه.

فصل: وإذا سَقَطَتْ عليه نَجَاسَةٌ، ثم زَالَتْ عنه، أو أزَالَها في الحالِ، لم تَبْطُلْ صلاتُه؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا عَلِمَ بالنَّجَاسَةِ في نَعْلَيْه خَلَعهما، وأتَمَّ صَلَاتَه، ولأنَّ النَّجَاسَةَ يُعْفَى عن يَسِيرِها، فعُفِىَ عن يَسِيرِ زَمَنِها، كَكَشْفِ العَوْرَةِ. وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

فصل: وإذا صَلَّى علَى مَنْديلٍ، طَرَفُه نَجِسٌ، أو كان تَحْتَ قَدَمِه حَبْلٌ مَشْدودٌ في نَجَاسَةٍ، وما يُصَلِّي عليه طاهِرٌ، فصَلاتُه صَحِيحَةٌ، سواء تَحَرَّك النَّجَسُ بَحَركَتِه، أو لم يَتَحَرَّكْ، لأنَّه ليس بحَامِلٍ للنَّجَاسَةِ، ولا بِمُصلٍّ عليها، وإنما اتَّصَلَ مُصَلَّاهُ بها، أشْبَهَ ما لو صَلَّى على أرْضٍ طَاهِرَةٍ مُتَّصِلَة بأرْضٍ نجسَة. وقال بعضُ أصْحَابِنا: إذا كان النَّجَسُ يَتَحرَّكُ بَحَركَتِه، لم تَصِحَّ صَلاتُه. والمُعَوّلُ على ما ذكرْنا. فأمَّا إن كان الحَبْلُ أو المَنْدِيلُ مُتَعَلِّقًا به، بحيث يَنْجَرُّ معه إذا مَشَى، لم تَصِحَّ صَلاتُه؛ لأنَّه مْسْتَتْبِعٌ لها، فهو كحَامِلِها. ولو كان في يَدِه أو وَسَطِه حَبْلٌ مَشْدودٌ في نَجَاسَةٍ، أو حَيَوَانٍ نَجِسٍ، أو سَفِينَةٍ صَغِيرَةٍ فيها نَجَاسَةٌ تَنْجَرُّ معه إذا مَشَى، لم تَصِحَّ صَلاتُه؛ لأنه مُسْتَتْبِعٌ لها، [فهو كحَامِلِها] (١١). وإن كانت السَّفِينَةُ كَبِيرَةً لا يُمْكِنُه جَرُّها، أو الحَيَوانُ كبيرًا لا يَقْدِرُ على جَرِّه إذا اسْتَعْصَى عليه، لم تَفْسُدْ صَلاتُه؛ لأنَّه ليس بِمُسْتَتْبِعٍ لها. قال القاضي: هذا إذا كان الشَّدُّ في مَوْضِعٍ طَاهِرٍ، فإن كان مَشْدُودًا في مَوْضِعٍ نَجِسٍ، فَسَدَتْ صَلاتُه؛ لأنَّه حامِلٌ لما هو مُلاقٍ لِلنَّجَاسَةِ. والأَوْلَى أنَّ صَلاتَه لا تَفْسُدُ؛ لأنَّه لا يَقْدِرُ على اسْتِتْبَاعَ ما هو مُلاقٍ للنَّجَاسَةِ، فأشْبَهَ ما لو أمْسَكَ سَفِينَةً عَظِيمةً فيها نَجَاسَةٌ، أو غُصْنًا من شَجَرةٍ عليها نَجَاسَةٌ.

فصل: وإذا حَمَلَ في الصَّلاةِ حيوانًا طَاهِرًا أو صَبِيًّا، لم تَبْطُلْ صَلاتُه؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى وهو حَامِلٌ أُمامَةَ ابْنَةَ أبي العاص. مُتَّفَقٌ عليه (١٢). ورَكِبَ الحسنُ


(١١) سقط من: الأصل، أ.
(١٢) تقدم في ١/ ١١٢، ١١٣، ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>