للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعجيلٌ لها قَبْلَ وجوبِها، لوُجودِ سَبَبِها، كتَعْجيلِ الزَّكاةِ قبلَ الحَوْلِ وبَعْدَ وُجوبِ النِّصابِ.

فصل: وإذا كان المُظاهِرُ ذِمِّيًّا، فتَكْفيرُه بالعِتْقِ، أو الإِطعامِ؛ لأنَّه يَصِحُّ منه فى غيرِ الكَفّارَةِ، فصَحَّ منه فيها، ولا يجوزُ بالصِّيامِ؛ لأنَّه عبادةٌ مَحْضَةٌ، والكافرُ ليس مِن أهلِها، ولأنَّه لا يَصِحُّ منه فى غيرِ الكفَّارَةِ، فلا يَصِحُّ منه فيها، ولا يُجْزِئُه فى العِتْق إلَّا عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فإنْ كانت فى مِلْكِه، أو وَرثها، أجْزَأتْ عنه، وإِنْ لم يَكُنْ كذلك، فلا سبيلَ له إلى شراءِ رَقَبَةٍ مؤمنةٍ؛ لأنَّ الكَافرَ لا يَصِحُّ منه شراءُ المُسْلِمِ، ويَتَعَيَّنُ تكفيرُه بالإِطعامِ، إلّا أَنْ يَقُولَ لِمُسْلِمٍ: أعْتِقْ عبدَك عن كَفَّارَتِى، وعَلَىَّ ثَمَنُه. فيَصِحُّ، فى إحْدَى الرِّوايَتَيْنِ. وإِنْ أسْلَمَ الذِّمِّىُّ قبلَ التَّكْفِيرِ بالإطعامِ، فحُكْمُه حكمُ العبدِ، يَعْتِق قبلَ التّكْفيرِ بالصِّيامِ، على ما مَضَى؛ لأنَّه فى معناه. وإِنْ ظاهَرَ وهو مُسْلِمٌ، ثم ارْتَدَّ، فصامَ فى رِدَّتِه عن كَفّارَتِه، لم يَصِحَّ. وأنْ كَفرَ بِعِتْقٍ أو إطعامٍ، فقد أطلقَ أحمدُ القولَ أنَّه لا يُجْزِئُه. وقال القاضى: المذهبُ أَنَّ ذلك موقوفٌ، فإنْ أسْلَمَ تَبَيَّنَّا أنَّه أجْزَأه، وإِنْ ماتَ أو قُتِلَ تَبَيَّنَّا أنَّه لم يَصِحَّ منه، كسائِرِ تَصَرُّفاتِه.

١٣٢٤ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِىَ بالْكَفَّارَةِ، كَانَ عَاصِيًا، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ الْمَذْكُورَةُ)

قد ذكرْنا أنّ المُظاهِرَ يَحْرُمُ عليه وَطْءُ زوجتِه قبل التَّكْفِيرِ؛ لقولِ اللَّه تعالى فى العِتْق والصِّيامِ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (١). فإنْ وَطِىء عَصَى رَبَّه لمُخَالفةِ أمرِه، وتَسْتَقِرُّ الكَفّارَةُ فى ذِمَّتِه، فلا تَسْقُطُ بعدَ ذلك بمَوْتٍ، ولا طلاقٍ، ولا (٢) غيرِه، وتَحْرِيمُ زوجتِه عليه باقٍ بحالِه، حتى يُكَفِّرَ. هذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. رُوِىَ ذلك عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، وعَطاء، وطاوُس، وجابرِ بن زيدٍ، ومُوَرِّقٍ العِجْلِىِّ (٣)، وأبى مِجْلَز،


(١) سورة المجادلة ٣، ٤.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) مورق بن مشمرج العجلى البصرى، تابعى، ثقة، توفى بعد المائة. تهذيب التهذيب ١٠/ ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>