للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرْنَا من حديثِ عائشةَ، وقولِ ابنِ عمرَ. وقد رَوَى مُسْلِمٌ (٣)، عن نُبَيْهِ بن وَهْبٍ، قال: خَرَجْنَا مع أبَانَ بنِ عثمانَ، حتَّى إذا كُنَّا بِمَلَل (٤)، اشْتَكَى عمرُ بن عُبَيْدِ اللهِ عَيْنَيْهِ، فأرْسَلَ إلى أبَانَ بنِ عثمانَ، لِيَسْأَلَه، فأرْسَلَ إليه: أن اضْمِدْهَا بِالصَّبِرِ، فإنَّ عثمانَ حَدَّثَ عن رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فى الرَّجُلِ إذا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ وهو مُحْرِمٌ، ضَمَّدَهما (٥) بالصَّبِر. ففى هذا دَلِيلٌ على إباحَةِ ما فى مَعْنَاه، ممَّا ليس فيه زِينَةٌ ولا طِيبٌ. وكان إبراهيمُ لا يَرَى بِالذَّرُورِ الأحْمَرِ بَأْسًا.

٥٩٢ - مسألة؛ قال: (وتَجْتَنِبُ كُلَّ ما يَجْتَنِبُهُ الرَّجُلُ، إلَّا فِى اللِّبَاسِ، وتَظْلِيلِ المَحْمِلِ)

قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عنه، من أهْلِ العِلْمِ، على أنَّ المَرْأةَ مَمْنُوعَةٌ ممَّا مُنِعَ منه الرِّجالُ، إلَّا بعضَ اللِّباسِ، وأجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ، على أنَّ لِلْمُحْرِمَةِ لُبْسَ القُمُصِ (١) والدُّرُوعِ والسَّرَاوِيلَاتِ والخُمُرِ والخِفَافِ. وإنَّما كان كذلك، لأنَّ أمْرَ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-[المُحْرِمَ بأمْرٍ] (٢)، وحُكْمَهُ عليه، يَدْخُلُ فيه الرِّجَالُ والنِّسَاءُ، وإنَّما اسْتُثْنِىَ منه اللِّبَاسُ لِلْحَاجَةِ إلى سَتْرِ المَرْأَةِ، لِكَوْنِها عَوْرَةً، إلَّا وَجْهَها، فتَجَرُّدُها يُفْضِى إلى انْكِشَافِها، فأُبِيحَ لها اللِّبَاسُ لِلسَّتْرِ، كما أُبِيحَ لِلرَّجُلِ عَقْدُ الإِزَارِ، كيلا يَسْقُطَ، فتَنْكَشِفَ (٣) العَوْرَةُ، ولم يُبَحْ عَقْدُ الرِّدَاءِ. وقد رَوَى ابنُ عمرَ، أنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى النِّسَاءَ فى إحْرَامِهِنَّ عن


(٣) فى: باب جواز مداواة المحرم عينيه، من كتاب الحجّ. صحيح مسلم ٢/ ٨٦٣.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب ما يكتحل المحرم، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٢٦. والترمذى، فى: باب ما جاء فى المحرم يشتكى. . .، من أبواب الحجّ. عارضة الأحوذى ٤/ ١٧٦. والبيهقى، فى: باب المحرم يكتحل بما ليس. . .، من كتاب الحجّ. السنن الكبرى ٥/ ٦٢.
(٤) ملل: موضع على ثمانية عشر ميلا من المدينة.
(٥) فى النسخ: "ضمدها". والمثبت فى صحيح مسلم.
(١) فى الأصل: "القميص".
(٢) فى الأصل: "للمحرم".
(٣) فى الأصل: "فتكشف".

<<  <  ج: ص:  >  >>