للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعَملُ به، سواءٌ وافَق القِياسَ أو خالَفَه.

١٨٩٢ - مسألة؛ قال: (وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فِى غَيْرِ ذَلِك)

مَذهبُ أبى عبدِ اللَّهِ أَنَّ شَهادةَ أهلِ الكِتابِ لا تُقْبَلُ فى شىءٍ على مُسْلمٍ ولا كافرٍ غَيرِ ما ذكرْنا. روَاه عنه نحوٌ مِن عِشرينَ نَفْسًا. وممَّن قالَ: لا تُقْبَلُ شهادتُهم؛ الحسنُ، وابنُ أبى لَيلَى، والأَوْزاعىُّ، ومَالِكٌ، والشَّافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ. ونقَلَ حَنْبَلٌ، عن أحمدَ، أَنَّ شَهادَةَ بَعضِهم على بعضٍ (١) تُقْبَلُ. وخطَّأَه الخَلَّالُ فى نَقْلِه هذا، وكذلك صاحبُه أبو بكرٍ، قال: هذا غَلَطٌ لا شكَّ فيه. وقال ابنُ حامدٍ: بل المَسألَةُ على رِوَايتيْنِ. وقال أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ (٢): تُقْبَلُ شَهادةُ السَّبْىِ بعضِهم لبعضٍ فى النَّسَبِ، إذا ادَّعَى أحدُهم أَنَّ الآخَرَ أخوه. والمَذهبُ الأوَّلُ، والظَّاهِرُ غَلَطُ مَنْ رَوَىَ خِلافَ ذلك. وذهبَتْ طائفةٌ مِن أهلِ العلمِ، إلى أَنَّ شهادةَ بعضِهم على بَعضٍ تُقْبَلُ، ثم اخْتلَفوا؛ فمنهم مَن قال: الكُفرُ كلُّه مِلَّةٌ واحدةٌ، فتُقبَلُ شَهادةُ اليَهُودىِّ على النَّصْرانِىِّ، والنَّصْرانىِّ على اليهودِىِّ. وهذا قولُ حَمَّادٍ، وسَوَّارٍ، والثَّوْرىِّ، والبَتِّىِّ، وأبى حَنيفةَ، وأصحابِه. وعن قَتادَةَ، والحَكَمِ، وأبى عُبيدٍ، وإسْحاقَ: تُقْبَلُ شَهادةُ كُلِّ مِلَّةٍ بَعضِها على بعضٍ، ولا تُقبَلُ شَهادةُ يَهُودِىٍّ على نَصْرانىٍّ، ولا نَصْرانىٍّ على يَهُودِىٍّ. ورُوِىَ عن الزُّهْرىِّ، والشَّعْبِىِّ، كقَولِنا، وكقولِهم. واحْتَجُّوا بما رُوِىَ عن (٣) جابرٍ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أجازَ شَهادةَ أهلِ الذِّمَّةِ بعضِهم على بعضٍ. رواه ابنُ ماجَه (٤). ولأنَّ بعضَهم يَلِى على بَعضٍ، فتقْبَلُ شَهادةُ بعضِهم على بعضٍ، كالمسلمين. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٥). وقال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (٦). والكافِرُ ليس بذِى عَدْلٍ، ولا هو مِنَّا، ولا مِن رجالِنا، ولا


(١) فى ب، م زيادة: "لم".
(٢) فى الأصل: "الشرمكى". وهو عمر بن أحمد بن إبراهيم البرمكى، تقدم فى: ٣/ ٣٤.
(٣) سقط من: أ.
(٤) فى: باب شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٩٤.
(٥) سورة الطلاق ٢.
(٦) سورة البقرة ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>