للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الأرْضِ والبِناءِ (٢١)، فإذا قُلْنا: لا يَرْجِعُ. فلا كَلَامَ. وإن قُلْنا: يَرْجِعُ. فَرَجَعَ، واتَّفَقَ الجَمِيعُ على بَيْعِهِما، بِيعَا لهما، وأخَذَ كلُّ واحِدٍ بِقَدْرِ حَقِّه. وإن امْتَنَعَ أحَدُهما من البَيْعِ، احْتَمَلَ أن يُجْبَرَ عليه، كما لو كان المَبِيعُ ثَوْبًا، فصَبَغَهُ المُشْتَرِى، فإنَّ الثَّوْبَ يُبَاعُ لهما، كذا هاهُنا. ويَحْتَمِلُ أن لا يُجْبَرَ؛ لأنَّه أمْكَنَ طَالِبُ البَيْعِ أن يَبِيعَ مِلْكَهُ مُفْرَدًا، بِخِلَافِ الثَّوبِ المَصْبُوغِ، فإن بِيعَا لهما، قَسَمَا الثَّمَنَ على قَدْرِ القِيمَتَيْنِ، فتُقَوَّمُ الأَرْضُ غيرَ ذاتِ شَجَرٍ ولا بِنَاءٍ، ثم تُقَوَّمُ وهما فيها، فما كان قِيمَةَ الأرْضِ بغير غِرَاسٍ ولا بِنَاءٍ، فلِلْبَائِعِ قِسْطُه من الثَّمَنِ، وما زَادَ فهو لِلْمُفْلِسِ والغُرَمَاءِ. وإن قُلْنا: لا يُجْبَرُ المُمْتَنِعُ على البَيْعِ. أو لم يَطْلُبْ أحَدُهما البَيْعَ. فَاتَّفَقَا على كَيْفِيَّةِ كَوْنِهِما بينهما، جَازَ ما اتَّفَقَا عليه، وإن اخْتَلَفَا، كانت الأرْضُ لِلْبَائِعِ، والغِرَاسُ والبِنَاءُ لِلْمُفْلِسِ والغُرَمَاءِ، ولهم دُخُولُ الأَرْضِ لِسَقْىِ الشَّجَرِ وأخْذِ الثَّمرَةِ، وليس لهم دُخُولُها لِلتَّفَرُّجِ ولغيرِ حَاجَةٍ، ولِلْبَائِعِ دُخُولُها لِلزَّرْعِ، ولما شَاءَ؛ لأنَّ الأَرْضَ له ومِلْكُه. وإن بَاعُوا الشَّجَرَ والبِنَاءَ لإِنْسَانٍ، فحُكْمُه فى ذلك حُكْمُهم. ولو بَذَلَ المُفْلِسُ والغُرَمَاءُ، أو المُشْتَرِى منهم، قِيمَةَ الأَرْضِ لِلْبَائِعِ، لِيَدْفَعَها لهم، لم يَلْزَمْهُ ذلك؛ لأنَّ الأرْضَ أصْلٌ، فلا يُجْبَرُ على بَيْعِها، بِخِلافِ ما فيها من الغَرْسِ والبِنَاءِ.

فصل: إذا اشْتَرَى غِرَاسًا، فَغَرَسَهُ فى أَرْضِه، ثم أَفْلَسَ، ولم يَزِدِ الغِرَاسُ، فله الرُّجُوعُ فيه، لأنَّه أدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِه. وإذا أخَذَه، فعليه تَسْوِيَةُ الأَرْضِ، وأَرْشُ نَقْصِهَا الحاصِلُ بِفِعْلِه (٢٢)، لأنَّه نَقْصٌ حَصَلَ لِتَخْلِيصِ مِلْكِه من مِلْكِ غيره. وإن بَذَلَ المُفْلِسُ والغُرَمَاءُ له قِيمَتَهُ، لِيَمْلِكُوه بذلك، لم يُجْبَرْ على قَبُولِها؛ لأنَّه اخْتَارَ أخْذَ مَالِه، وتَفْرِيغَ مِلْكِهِم، وإزَالَةَ ضَرَرِه عنهم، فلم يكُنْ لهم مَنْعُه، كالمُشْتَرِى


(٢١) سقط من: م.
(٢٢) فى م: "بقلعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>