للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمالِ والعَمَلِ (٢٨)، لكَوْنِ أحَدِهما من غيرِ (٢٨) جِنْسِ الآخَرِ، فلا يُعْلَمُ قَدْرُهْ منه. وأما شَرِكَةُ الأَبْدانِ، فلا مالَ فيها يُقَدّرُ الرِّبْحُ به، فيَحْتَمِلُ أن يَتَقَدَّرَ بالعَمَلِ؛ لأنَّ عَمَلَ أحَدِهِما من جِنْسِ عَمَلِ الآخَرِ، فقد تَسَاوَيا في أصْلِ العَمَلِ، فيكونُ ذلك أصْلًا يُرْجَعُ إليه. ويَحْتَمِلُ ألَّا يَتَقَدَّرَ (٢٩) به؛ لأنَّ العَمَلَ يَقِلُّ ويَكْثُرُ ويَتَفَاضَلُ، ولا يُوقَفُ على مِقْدارِه، بِخِلَافِ المالِ، فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الرِّبحِ والمَعْرِفَةُ به, كما في المُضَارَبةِ.

٨٣٠ - مسألة؛ قال: (والْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ)

يَعْنِى الخُسْرَانَ في الشَّرِكَةِ على كلِّ واحدٍ منهما بقَدْرِ مَالِه، فإن كان مالُهما مُتَسَاوِيًا في القَدْرِ، فالخُسْرَانُ بينهما نِصْفَيْنِ، وإن كان أثْلَاثًا، فالوَضِيعَةُ أثْلاثًا. لا نَعْلَمُ فى هذا خِلَافًا بين أهْلِ العِلْمِ. وبه يقول (١) أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ وغيرُهما. وفى شَرِكَةِ الوُجُوهِ تكونُ الوَضِيعَةُ على قَدْرِ مِلْكَيْهِما في المُشْتَرَى، سواءٌ كان الرِّبْحُ بينهما كذلك أو لم يَكُنْ، وسواءٌ كانت الوَضِيعَةُ لِتَلَفٍ، أو نُقْصانٍ في الثَّمَنِ عما اشْتَرَيا به، أو غيرِ ذلك. والوَضِيعَةُ في المُضَارَبةِ على المالِ خاصَّةً، ليس على العامِلِ منها شَىءٌ؛ لأنَّ الوَضِيعَةَ عِبَارَةٌ عن نُقْصَانِ رَأْسِ المالِ، وهو مُخْتَصٌّ بمِلْكِ رَبِّه، لا شَىْءَ لِلْعَامِلِ فيه، فيكونُ نَقْصُه من مَالِه دونَ غيرِه؛ وإنَّما يَشْتَرِكانِ فيما يَحْصُلُ من النَّماءِ، فأشْبَه المُسَاقَاةَ والمُزَارَعَةَ، فإنَّ رَبَّ الأَرْضِ والشَّجَرِ يُشَارِكُ العَامِلَ فيما يَحْدُثُ من الزَّرْعِ والثَّمَرِ. وإن تَلِفَ الشَّجَرُ، أو هَلَكَ شيءٌ من الأَرْضِ بِغَرَقٍ أو غيرِه، لَم يكُنْ على العامِلِ شيءٌ.

٨٣١ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَجُوزُ أن يَجْعَلَ لأَحَدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ فَضْلَ دَرَاهِم)

وجُمْلَتُه أنَّه متى جَعَلَ نَصِيبَ أحَدِ الشُّرَكاءِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أو جَعَلَ مع نَصِيبِه


(٢٨) سقط من: الأصل.
(٢٩) في ب: "يقدر".
(١) في الأصل: "قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>