للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَنَاوِلًا لِلشِّرَاءِ المَسْئُولِ عنه لم يكن مُجِيبًا له، ولا يجوزُ إخْرَاجُ خُصُوصِ السَّبَبِ من عُمُومِ اللَّفْظِ؛ لِئَلَّا يَخْلُوَ السُّؤالُ عن الجَوابِ، وقد رُوِيَ عن جابِرٍ، أنَّه قال: إذا جاءَ المُصَدِّقُ فَادْفَعْ إليه صَدَقَتَكَ، ولا تَشْتَرِها، فإنَّهم كانوا يقولون: ابْتَعْها فأقولُ: إنَّما هِي للهِ (١٤). وعن ابْنِ عمرَ أنَّه قال: لا تَشْتَرِ طَهُورَ مَالِكَ (١٥). ولأنَّ في شِرَائِه لها وَسِيلَةً إلى اسْتِرْجَاعِ شىءٍ منها؛ لأنَّ الفَقِيرَ يَسْتَحِي منه، فلا يُمَاكِسُه في ثَمَنِها، وَرُبَّما أرْخَصَها (١٦) له طَمَعًا في أن يَدْفَعَ إليه صَدَقَةً أُخْرَى، وَرُبَّما عَلِمَ أنه إن لم يَبِعْهُ إيَّاها اسْتَرْجَعَها منه أو تَوَهَّمَ ذلك، وما هذا سَبِيلُه يَنْبَغِي أن يُجْتنَبَ، كما لو شَرَطَ عليه أن يَبِيعَه إيَّاها. وهو أيضًا ذَرِيعةٌ إلى إخْرَاجِ القِيمَةِ، وهو مَمْنُوعٌ من ذلك. أمَّا حَدِيثُهم فنقولُ به، وأنَّها تَرْجِعُ إليه بالمِيرَاثِ وليس هذا مَحَلَّ النِّزاعِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: كلُّ العُلماء يقولون: إذا رَجَعَتْ إليه بالمِيرَاثِ طابَتْ له، إلَّا ابنَ عمرَ والحسنَ بن حَيٍّ. وليس البَيْعُ في مَعْنَى المِيرَاثِ؛ لأنَّ المِلْكَ ثَبَتَ (١٧) بالمِيرَاثِ حُكْمًا بغيرِ اخْتِيَارِه، وليس بِوَسِيلَةٍ إلى شىءٍ ممَّا ذَكَرنَا، والحَدِيثُ الآخَرُ مُرْسَلٌ، وهو عَامٌّ، وحَدِيثُنَا خَاصٌّ صَحِيحٌ، فالعَمَلُ به أوْلَى من كُلِّ وَجْهٍ.

فصل: فإن دَعَتِ الحاجةُ إلى شِرَاءِ صَدَقَتِه، مثل أن يكونَ الفَرْضُ جُزْءًا من حَيَوانٍ لا يُمْكِنُ الفَقِيرَ الانْتِفَاعُ بِعَيْنِه، ولا يَجِدُ من يَشْتَرِيه سِوَى المالِكِ لِبَاقِيهِ، ولو اشْتَرَاهُ غيرُه لتَضَرَّرَ المالِكُ بِسُوءِ المُشَارَكَةِ، أو إذا كان الوَاجِبُ في ثَمَرَةِ النَّخْلِ


(١٤) أخرجه عبد الرزاق، في: باب بيع الصدقة قبل أن تعتقل، من كتاب الزكاة. المصنف ٤/ ٣٨. وابن أبي شيبة، في: باب في الرجل يصدق إبله أو غنمه يشتريها من المصدق، من كتاب الزكاة. المصنف ٣/ ١٨٨.
(١٥) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في الرجل يصدق إبله أو غنمه يشتريها من المصدق، من كتاب الزكاة. المصنف ٣/ ١٨٨.
(١٦) في أ، م: "رخصها".
(١٧) في ب: "يثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>