للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم- بالقِصاصِ (١). ولأنَّ ما جَرَى القِصاصُ في جُمْلَتِه، جَرَى في بعضِه إذا أمْكنَ، كالأُذُنِ، فيُقَدَّرُ ذلك بالأجْزاءِ، فيُؤْخَذُ النِّصْفُ بالنِّصْفِ والثُّلثُ بالثُّلثِ، وكلُّ جُزْءٍ بمثلِه، ولا يُؤْخَذُ ذلك بالمِساحةِ، كيْلا يُفْضِىَ إلى أخْذِ جميعِ سِنِّ الجانِى ببعض سِنِّ المَجْنِىِّ عليه، ويكونُ القِصاصُ بالمِبْرَدِ؛ ليُؤْمَنَ أخْذُ الزِّيادةِ، فإنَّا لو أخَذْناها بالكَسْرِ، لم نَأْمَنْ أن تَنْصَدِعَ، أو تَنْقَلِعَ، أو تَنْكَسِرَ من غير موضِعِ القِصاصِ. ولا يُقْتَصُّ حتى يقولَ أهلُ الخِبْرةِ: إنَّه يُؤْمَنُ انْقِلاعُها، أو السَّوادُ (٢) فيها؛ لأنَّ تَوَهُّمَ الزِّيادةِ يَمْنَعُ القِصاصَ في الأعْضاءِ، كما لو قُطِعَتْ يَدُه من غيرِ مَفْصِلٍ. فإن قيل: فقد أجَزْتُم القِصاصَ في الأطْرافِ مع تَوَهُّم سِرَايَتِها إلى النَّفْسِ، فَلِمَ مَنَعْتُمْ منه لِتَوَهُّمِ السِّرَايَةِ إلى بعضِ العُضْوِ؟ قُلْنا: وَهَمُ السِّرَايةِ إلى النَّفْسِ لا سَبِيلَ إلى التَّحَرُّزِ منه، فلو اعْتَبَرْناه في المَنْعِ، لَسَقَطَ القِصاصُ في الأطْرافِ بالكُلِّيَّةِ، فسَقَطَ اعْتِبارُه، وأمَّا (٣) السِّرايةُ إلى بعضِ العُضْوِ، فتارةً نقولُ إنَّما يَمْنَعُ (٤) القِصاصَ فيها احتمالُ الزِّيادةِ في الفِعْلِ، لا في السِّرايةِ، مثل مَنْ يَسْتَوْفِى من (٥) بعضِ الذِّراعِ، فإنَّه يَحْتَملُ أن يَفْعَلَ أكثرَ ممَّا فُعِلَ به، وكذلك من كَسَرَ سِنًّا ولم يَصْدَعْها، فكَسَرَ المُسْتَوْفِى سِنَّهُ وصَدَعَها، أو قَلَعَها، أو كَسَرَ أكثرَ ممَّا كَسَرَ، فقد زاد على المِثْلِ، والقِصاصُ يَعْتَمِدُ المُماثلةَ. وتارةً نقولُ: إنَّ السِّرَايةَ في بعضِ العُضْوِ إنَّما تمْنَعُ (٦) إذا كانت ظاهرةً، ومثل هذا يَمْنَعُ في النَّفْسِ، ولهذا مَنَعْناه من الاسْتيفاءِ بآلةٍ كالَّةٍ، أو مَسْمُومةٍ، وفى وَقْتِ إفْراطِ الحَرارةِ أو البُرُودةِ (٧)، تَحَرُّزًا من السِّرَايةِ.

فصل: ومَنْ قَلَعَ سِنًّا زائدةً، وهى التي تَنْبُتُ فَضْلةً في غيرِ سَمْتِ الأسْنانِ، خارِجةً


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٥٣١.
(٢) في الأصل: "والسواد".
(٣) سقطت الواو من: ب، م.
(٤) في م: "منع".
(٥) سقط من: ب، م.
(٦) في ب، م: "منع".
(٧) في الأصل: "والبرودة".

<<  <  ج: ص:  >  >>