للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثرُ أهلِ العلمِ يَرَوْنَ القَتْلَ مُنْقَسِمًا إلى هذه الأقْسامِ الثَّلاثةِ، رُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعلىٍّ. وبه قال الشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وقَتادةُ، وحَمَّادٌ، وأهلُ العِراقِ، والثَّوْرِىُّ، والشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وأَنكَرَ مالكٌ شِبْهَ العَمْدِ، وقال: ليس في كتابِ اللهِ إلَّا العَمْدُ والخَطَأُ، فأمَّا شِبْهُ العَمْدِ، فلا يُعْمَلُ به عندَنا. وجعَله من قِسْمِ العَمْدِ. وحُكِىَ عنه مثلُ قَوْلِ الجماعةِ. وهو الصَّوابُ؛ لما رَوَى عبدُ اللَّه بن عمرِو بن العاصِ, أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَلا إنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهَ الْعَمْدِ، مَا كَانَ بِالسَّوْطِ والْعَصَا، مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ في بُطُونِها أوْلَادُها". روَاه أبو داودَ (١). وفِي لفظٍ: "قَتِيلِ خَطَإِ الْعَمْدِ". وهذا نَصٌّ يُقَدَّمُ على ما ذكَره. وقَسَّمَه أبو الخَطَّابِ أرْبعةَ أقسامٍ، فزاد قِسْمًا رابعًا، وهو ما أُجْرِىَ مُجْرَى الْخَطَإِ، نحو أن يَنْقَلِبَ نائمٌ على شَخْصٍ فيَقْتُلَه, أو يَقَعَ عليه من عُلْوٍ، والقَتْل بالسَّبَبِ، كحَفْرِ البِئْرِ ونَصْبِ (٢) السِّكِّين، وقَتْلِ غيرِ المُكلَّفِ، أُجْرِىَ مُجْرَى (٣) الخَطَإِ وإن كان عَمْدًا. وهذه الصُّورةُ التي ذكَرها عندَ الأَكْثَرِينَ من قِسْمِ الخَطَإِ، فإنَّ صاحِبَها لم يَعْمِدِ الفِعْلَ، أو عَمَدَه وليس هو من أهْلِ القَصْدِ الصَّحِيحِ، فسَمَّوْه (٤) خَطَأً (٥)، فأعْطَوْه حُكْمَه. وقد صَرَّحَ الْخِرَقِىُّ بذلك، فقال في الصَّبِىِّ والمجنونِ: عَمْدُهما خَطَأٌ.

١٤١٦ - مسألة؛ قال: (فَالْعَمْدُ مَا ضَرَبَهُ بِحَدِيدَةٍ، أوْ خشَبَةٍ كَبِيرَةٍ فَوْقَ عَمُودِ الفُسْطَاطِ، أو حَجَرٍ كَبِيرٍ الْغَالِبُ أنْ يَقْتُلَ مِثْلُهُ، أوْ أعَادَ الضَّرْبَ بخَشَبَةٍ صَغِيرَةٍ، أوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا الْغَالِبُ مِنْ ذلِكَ الْفِعْلِ أنَّه يُتْلِفُ)

وجملةُ ذلك أن العَمْدَ نوعان:


(١) تقدم تخريجه، في: ٦/ ٢٤٠. ويضاف إليه: المسند ٢/ ١٦٤، ١٦٦.
(٢) في م: "ونصل".
(٣) سقط من: م.
(٤) سقط من: ب.
(٥) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>