للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسْلَمَتِ ابْنَتُه: لا يُزَوِّجُها، ولا يُسافِرُ معها، ليس هو لها بمَحْرَمٍ. وقال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ: هو مَحْرَمٌ لها؛ لأنها مُحَرَّمَةٌ عليه على التَّأْبِيدِ. ولَنا، أنَّ إثْبَاتَ المَحْرَمِيَّة يَقْتَضِى الخَلْوَةَ بها، فيَجِبُ أنْ لا تَثْبُتَ لِكَافِرٍ على مُسْلِمَةٍ، كالحَضانَةِ لِلطِّفْلِ، ولأنَّه لا يُؤْمَنُ عليها أن يَفْتِنَها عن دِينِها كالطِّفْلِ، وما ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بأُمِّ المَزْنِىِّ بها، وابْنَتِها، والمُحَرَّمَةِ باللِّعانِ، وبالمَجُوسِىِّ مع ابْنتِه، ولا يَنْبَغِى أن يكونَ فى المَجُوسِىِّ خِلَافٌ؛ فإنَّه لا يُؤْمَنُ عليها، ويَعْتَقِدُ حِلَّها. نَصَّ عليه أحمدُ فى مَوَاضِعَ. ويُشْتَرَطُ فى المَحْرَمِ أن يكونَ بَالِغًا عَاقِلًا. قيل لأحمدَ: فيكونُ الصَّبِىُّ مَحْرَمًا؛ قال: لا، حتَّى يَحْتَلِمَ؛ لأنَّه لا يَقُومُ بِنَفْسِه، فكيف يَخْرُجُ مع امْرَأةٍ. وذلك لأنَّ المَقْصُودَ بالمَحْرَمِ حِفْظُ المَرْأَةِ، ولا يَحْصُلُ إلَّا، من البالِغِ العاقِلِ، فاعْتُبِرَ ذلك.

فصل: ونَفَقَةُ المَحْرَمِ فى الحَجِّ عليها. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّه مِن سَبِيلِها، فكان عليها نَفَقَتُه، كالرَّاحِلَةِ. فعلَى هذا يُعْتَبَرُ فى اسْتِطَاعَتِها أن تَمْلِكَ زادًا ورَاحِلَةً لها ولِمَحْرَمِها؛ فإن امْتَنَعَ مَحْرَمُها من الحَجِّ معها، مع بَذْلِها له نَفَقَتَه، فهى كمَن لا مَحْرَمَ لها؛ لأنَّها (١٥) لا يُمْكِنُها الحَجُّ بغير مَحْرَمٍ. وهل يَلْزَمُهُ إجَابَتُها إلى ذلك؟ على رِوَايَتَيْنِ. نَصَّ عليهما. والصَّحِيحُ أنَّه لا يَلْزَمُه الحَجُّ معها؛ لأنَّ فى الحَجِّ مَشَقَّةً شَدِيدَةً، وكُلْفَةً عَظِيمَةً، فلا تَلْزَمُ أحَدًا لأجْلِ غيرِه، كما لم يَلْزَمْه أن يَحُجَّ عنها إذا كانت مَرِيضَةً.

فصل: وإذا ماتَ مَحْرَمُ المَرْأةِ فى الطَّرِيقِ، فقال أحمدُ: إذا تَبَاعَدَتْ مَضَتْ، فقَضَتِ الحَجَّ. قِيلَ له (١٦): قَدِمَتْ من خُرَاسَانَ، فماتَ وَلِيُّها بِبَغْدَادَ؟ فقال: تَمْضِى إلى الحَجِّ، وإذا كان الفَرْضُ خاصَّةً فهو آكَدُ. ثمَّ قال:


(١٥) سقط من: أ، ب.
(١٦) سقط من: الأصل، أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>