للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجِدَ الشَّرْطُ، اسْتَنَد الحُكْمُ إلى ابْتداءِ السَّببِ، وفى الوَصِيَّةِ بالعِتْقِ (٦) ما وُجِدَ السَّببُ، وإنَّما أوْصَى بإيجادِه، وهو العِتقُ، فإذا وُجِدَ، لم يَجُزْ أن يَثْبُتَ حُكْمُه سابقًا عليه، ولهذا يَمْلِكُ المُوصَى له أَنْ يَقْبَلَ بنَفْسِه، وههُنا لا يَمْلِكُ العبدُ أَنْ يَعْتِقَ نَفْسَه. وإن مات العبدُ بعدَ (٧) مَوْتِ سَيِّدِه، وقبلَ إعْتاقِه، فما كَسَبَه للوَرَثةِ، على قَوْلِنا، ولا أعلمُ قولَ مَنْ خالَفَنا فيه.

فصل: فإن عَلَّقَ عِتْقَ عبه على شَرْطٍ فى صِحَّتِه، فوُجِدَ فى مَرَضِه، اعْتُبِرَ خُرُوجُه من الثُّلثِ. قالَه أبو بكرٍ، قال: وقد نَصَّ أحمدُ على مثلِ هذا فى الطَّلَاقِ. وقال أبو الخَطَّابِ: فيه وَجْهٌ آخرُ، أنَّه يَعْتِقُ من رأسِ المالِ. وهو مذهبُ الشَّافِعىِّ؛ لأَنَّه لا يُتَّهَمُ فيه (٨)، فأشْبَهَ العِتْقَ فى صِحَّتِه. ولَنا، أَنَّه عَتَقَ فى حالِ تَعَلُّقِ حَقِّ الوَرَثةِ بثُلثَىْ مالِه، فاعْتُبِرَ مِن الثُّلثِ، كالمُنْجَزِ. وقولُهم: لا يُتَّهَمُ فيه. قُلْنا: وكذلك العِتْقُ المُنْجَزُ، لا يُتَّهَمُ فيه؛ فإِنَّ الإِنْسانَ لا يُتَهَمُ بمُحاباةِ غيرِ الوارثِ، وتَقْدِيمهِ على وارِثِه، وإنَّما مُنِعَ منه، لما فيه من الضَّرَرِ بالورَثةِ، وهذا حاصِلٌ ههُنا. ولو قال: إذا قَدِمَ زَيْدٌ، وأنا مَرِيضٌ، فأنتَ حُرٌّ. فقَدِمَ وهو مَرِيضٌ، كان مُعْتَبَرًا من الثُّلثِ، وَجْهًا واحِدًا.

فصل: وإذا أعْتَقَ عبدًا، وله مالٌ، فمالُه لسَيِّدِه. رُوِىَ هذا عن ابنِ مسعودٍ: وأبى أيُّوبَ، وأنسِ بن مالكٍ (٩). وبه قال قَتادةُ، والحَكَمُ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ورُوِىَ ذلك عن حَمَّادٍ، والْبَتِّىِّ، وداودَ بن أبى هِنْدٍ، وحُمَيْدٍ. وقال الحسنُ، وعَطاءٌ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، ومالِكٌ، وأهلُ المدينةِ: يَتْبَعُه مالُه؛ لما رَوَى نافِعٌ، عن ابنِ عمرَ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "مَنْ أعْتَقَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَالْمالُ للعَبْدِ". روَاه


(٦) فى النسخ: "وبالعتق".
(٧) فى م زيادة: "تمام".
(٨) سقط من: ب.
(٩) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب فى الرجل يعتق العبد وله مال، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف ٦/ ٤١٧، ٤١٨. وأخرجه، عن ابن مسعود وأنس، عبد الرزاق، فى: باب بيع العبد: له مال، من كتاب البيوع. المصنف ٩/ ١٣٤، ١٤٥. وعن ابن مسعود، البيهقى، فى: باب ما جاء فى مال العبد، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٥/ ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>