للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّاعةِ إلى الهلالِ، فتَطْلُقَ فى الحالِ. وإن قال: أنتِ طالقٌ فى مَجِىءِ ثلاثةِ أيامٍ، طَلُقَتْ فى أوَّلِ اليومِ الثَّالثِ.

فصل: وإذا أوقعَ الطَّلاقَ فى زمنٍ، أو علَّقَه بصِفَةٍ، تعلَّقَ بها، ولم يَقَعْ حتى تَأْتِىَ الصِّفةُ والزَّمنُ. وهذا قولُ ابنِ عبّاسٍ، وعطاءٍ، وجابرِ بنِ زيد، والنَّخَعِىِّ، وأبى هاشمٍ (٤)، والثَّوْرِىِّ، والشّافعىِّ، وإسْحاقَ، وأبى عُبَيْدٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحَسَنُ، والزُّهْرِىُّ، وقَتادةُ، ويحيى الأنْصارىُّ، ورَبِيعةُ، ومالكٌ: إذا علَّقَ الطَّلاقَ بصِفَةٍ، تأْتِى لا مَحالةَ، كقولِه: أنتِ طالقٌ إذا طلعتِ الشَّمسُ، أو دخلَ رمضانُ. طَلُقَتْ فى الحالِ؛ لأنَّ النِّكاحَ لا يَكونُ مؤقَّتًا بزمانٍ، ولذلك لا يَجوزُ أن يَتزوَّجَها شَهْرًا. ولَنا، أَنَّ ابنَ عباس كان يقولُ، فى الرَّجلِ يقولُ لامرأتِه: أنتِ طالقٌ إلى رأس السَّنَةَ. قال: يطَأُ فيما بينه وبينَ رأس السَّنَةِ (٥). ولأنَّه إزالةُ مِلْكٍ يَصِحُّ تعليقُه بالصِّفاتِ، فمتى علَّقَه بصِفَةٍ لم يَقَعْ قبلَها، كالعِتْقِ، فإنَّهم سلَّمُوه. وقد احْتجَّ أحمدُ بقولِ أبى ذَرٍّ: إنّ لى إبِلًا يَرْعاها عبدٌ لى، وهو عَتِيقٌ إلى الحَوْلِ (٦). ولأنَّه تَعْليقٌ للطَّلاقِ بصِفَةٍ لم تُوجَدْ، فلم يَقَعْ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ إذا قَدِمَ الحَاجُّ. وليس هذا تَوْقيتًا للنِّكاحِ، وإنَّما هو توقيت للطلاقِ. وهذا لا يُمنَعُ، كما أنَّ النِّكاحَ لا يجوزُ أن يكونَ مُعَلَّقًا بشَرْطٍ، والطَّلاقُ يجوزُ فيه التَّعْليقُ.

فصل: ولو قال: أنتِ طالقٌ إلى شهرِ كذا، أو سنةِ كذا. فهو كما لو قال: فى شهرِ كذا، أو سنةِ كذا. ولا يَقَعُ الطَّلاقُ إلَّا فى أوَّلِ ذلك الوقتِ، وبه قال الشّافعىُّ. وقال أبو


(٤) أبو هاشم الرمانى الواسطى، يحيى بن دينار، واختلف فى اسم أبيه، فقيه، صدوق، ثقة، توفى سنة اثنتين وعشرين ومائة. تهذيب الهذيب ١٢/ ٢٦١.
(٥) أخرج نحوه ابن أبى شيبة، فى: باب من قال: لا يطلق حتى يحل الأجل، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ٢٩. وانظر السنن الكبرى ٧/ ٣٥٦.
(٦) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب من قال: لا يطلق حتى يحل الأجل، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>