للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨١٤ - مسألة؛ قال: (وَلَا مُكَاتَبٌ قَدْ أدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا)

رُوِىَ عن أحمدَ، رَحِمَه اللَّه، فى المُكاتَب ثلاثُ رواياتٍ، إحْداهُنَّ، يُجْزِئُ مُطْلقًا. اخْتارَهُ أبو بكرٍ. وهو مذْهَبُ أبى ثَوْرٍ، لأَنَّ المُكاتَبَ عَبْدٌ يجوزُ بَيْعُه، فأجْزَأَ عِتْقُه، كالمُدبَّرِ، ولأنَّه رَقَبَةٌ، فتدْخُلُ (١) فى مطلقِ قولِه سبحانَه: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٢). والثانِيَةُ، لا يُجْزِئُ مُطْلَقًا. وهو قولُ مالِكٍ، والشافِعِىِّ، وأبى عُبَيْدٍ؛ لأنَّ عِتْقَه مُسْتَحَقٌّ بسبَبٍ آخَرَ، ولهذا لا يَمْلِكُ إبْطالَ كِتابَتِه، فأشْبَهَ أُمَّ الوَلَدِ. والثالثةُ، إِنْ أدَّى مِن كتابَتِه شيئًا لم يُجْزِئْه، وإلَّا أَجْزَأَه. وبهذا قال اللَّيْثُ، والأَوْزاعِىُّ، وإسْحاقُ، وأصحابُ الرَّأْىِ. قال القاضِى: هو الصَّحِيحُ؛ لأنَّه إذا أدَّى شيئًا فقد حصلَ العِوَضُ عن بَعْضِه، فلم يُجْزِئُ، كما لو أعْتَقَ بعضَ رَقَبَةٍ، وإذا لم يُود، فقد أعْتَقَ رقبةً كامِلَةً مُؤمِنَةً سالِمَةَ الخلقِ تامَّةَ المِلْكِ، لم يَحْصُلْ عن شىءٍ منها عِوَضٌ، فأَجزَأ عِتْقُها، كالمُدَبَّرِ. ولو أعْتَقَ عبدًا على مالٍ، يأْخُذُه (٣) من العبدِ، لم يُجْزِئُ عن كفَّارَتِه، فى قولِهم جميعًا.

١٨١٥ - مسألة؛ قال: (وَيُجْزِئُ (١) المُدَبَّرُ)

وهذا قولُ طاوُسٍ، والشافعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ. وقال [مالكٌ، و] (٢) الأوْزَاعِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ: لا يُجْزِئُ؛ لأنَّ عِتْقَه مُسْتَحَقٌّ بسبَبٍ آخَرَ، فأشْبَهَ أمَّ الوَلَدِ، [ولأنَّ بَيْعَه عندَهم غيرُ (٣) جائِزٍ، فأشْبَهَ أُمَّ الولد] (٤). ولَنا، قولُه تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٥). وقد حرَّرَ رقَبَةً، ولأنَّهُ عَبْدٌ كامِلُ المَنْفَعَةِ، يجوزُ بَيْعُه، ولم يحْصُلْ عن شىءٍ منه عِوَضٌ، فجازَ عِتْقُه، كالْقِنِّ، والدليلُ على جَوازِ بَيْعِه، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- باعَ


(١) فى م: "فدخل".
(٢) سورة النساء ٩٢، وسورة المجادلة ٣.
(٣) فى م: "فأخذه".
(١) فى م: "ويجزئه".
(٢) سقط من: م.
(٣) لم يرد فى: الأصل.
(٤) سقط من: أ.
(٥) سورة النساء ٩٢، وسورة المجادلة ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>