للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدَلَّ على أنَّه لا يَجوزُ مع وُجُودِهما، ولأنَّه مَخِيطٌ لِعُضْوٍ على قَدْرِه، فوَجَبَتْ على المُحْرِمِ الفِدْيَةُ بِلُبْسِه، كالقُفَّازَيْنِ.

فصل: فأمَّا اللَّالِكَةُ (١٤)، والجُمْجُمُ (١٥)، ونحوُهما، فقِياسُ قَوْلِ أحمدَ، أنَّه لا يَلْبَسُ ذلك، فإنَّه قال: لا يَلْبَسُ النَّعْلَ التى لها قَيْدٌ. وهذا أشَدُّ من النَّعْلِ التى لها قَيْدٌ. وقد قال فى رَأسِ الخُفِّ الصَّغِيرِ: لا يَلْبَسُه. وذلك (١٦) لأنَّه يَسْتُرُ القَدَمَ، وقد عُمِلَ لها على قَدْرِها، فأشْبَهَ الخُفَّ. فإن عَدِمَ النَّعْلَيْنِ، كان له لُبْسُ ذلك، ولا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أباحَ لُبْسَ الخُفِّ عندَ ذلك، فما دُونَ الخُفِّ أوْلَى.

فصل: فأمَّا النَّعْلُ، فيُباحُ لُبْسُها كيفما كانتْ، ولا يَجِبُ قَطْعُ شىءٍ منها؛ لأنَّ إباحَتَها وَرَدَتْ مُطْلَقًا. ورُوِىَ عن أحمدَ فى القَيْدِ فى النَّعْلِ: يَفْتَدِى؛ لأنَّنَا لا نَعْرِفُ النِّعَالَ هكذا. وقال: إذا أحْرَمْتَ فاقْطَع المَحْمَلَ الذى على النِّعَالِ، والعَقِبَ الذى يُجْعَلُ لِلنَّعْلِ، فقد كان عَطاءٌ يقولُ: فيه دَمٌ. وقال ابنُ أبى موسى، فى "الإرْشَادِ": فى القَيْدِ والعَقِبِ الفِدْيَةُ، والقَيْدُ: هو السَّيْرُ المُعْتَرِضُ على الزِّمَامِ. قال القاضى: إنَّما كَرِهَهما إذا كَانَا عَرِيضَيْنِ. وهذا هو الصَّحِيحُ؛ فإنَّه إذا لم يَجِبْ قَطْعُ الخُفَّيْنِ السَّاتِرَيْنِ لِلْقَدَمَيْنِ والسَّاقَيْنِ فقَطْعُ سَيْرِ النَّعْلِ أوْلَى أنْ لا يَجِبَ. ولأنَّ ذلك مُعْتَادٌ فى النَّعْلِ، فلم تَجِبْ إزَالَتُه، كسائِرِ سُيُورِها، ولأنَّ قَطْعَ القَيْدِ والعَقِبِ رُبَّما تَعَذَّرَ معه المَشْىُ فى النَّعْلَيْنِ؛ لِسُقُوطِهما بِزَوَالِ ذلك، فلم يَجِبْ، كقَطْعِ القِبَالِ (١٧).

فصل: وإنْ وَجَدَ نَعْلًا لم يُمْكِنْه لُبْسُها، فله لُبْسُ الخُفِّ، ولا فِدْيَةَ عليه؛ لأن ما لا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُه كَالمَعْدُومِ، كما لو كانتِ النَّعْلُ لغيرِه، أو صَغِيرَةً، وكالماءِ فى


(١٤) اللالكة: النعال المصنوعة من الجلد المدبوغ.
(١٥) الجمجم: المداس.
(١٦) سقط من الأصل.
(١٧) القبال من النعل: الزمام الذى يكون بين الإصبع الوسطى والتى تليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>