للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّفْرِيقُ، أو مِمَّا لا يجوزُ التَّفْرِيقُ بينهما، كالوَلَدِ مع أُمِّه، فليس له إلَّا رَدُّهما جَمِيعًا، أو إمْساكُهما وأخْذُ الأَرْشِ، وإن لم يكُونا كذلك، ففيهما رِوَايَتانِ، إحْداهما، ليس له إلَّا رَدُّهما، أو أخْذُ الأَرْشِ مع إمْساكِهِما. وهو ظاهِرُ قولِ الشَّافِعِىِّ وقولِ أبى حنيفةَ فيما قَبْلَ القَبْضِ؛ لأنَّ الرَّدَّ تَبْعِيضُ (٨) الصَّفْقَةِ من المُشْتَرِى، فلم يكُنْ له ذلك، كما لو كانا ممَّا يَنْقُصُه التَّفْرِيقُ. والثانية، له رَدُّ المَعِيبِ، وإمْساكُ الصَّحِيحِ. وهذا قولُ الحارِثِ العُكْلِىّ، والأوْزاعِىِّ، وإسْحَاقَ. وهو قولُ أبى حنيفةَ فيما بعدَ القَبْضِ؛ لأنَّه رَدَّ المَعِيبَ على وَجْهٍ لا ضَرَرَ فيه على البائِعِ، فجازَ كما لو رَدَّ الجَمِيعَ. وفارَقَ ما يَنْقُصُ بالتَّفْرِيقِ، فإنَّ فيه ضَرَرًا. وإن تَلِفَ أحَدُ المَبِيعَيْنِ، أو تَعَيَّبَ، أو وَجَدَ بالآخَرِ أو بهما عَيْبًا، فأرادَ رَدَّه، فالحُكْمُ فيه على ما ذَكَرْنا من التَّفْصِيلِ والخِلافِ. وإنِ اخْتَلَفا في قِيمَةِ التَّالِفِ، فالقولُ قولُ المُشْتَرِى مع يَمِينِه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ لما يَدَّعِيه البائِعُ من زِيادَةِ قِيمَتِه؛ لأنَّه بِمَنْزِلَةِ الغارِمِ، لأنَّ قِيمَةَ التَّالِفِ إذا زادَتْ، زَادَ قَدْرُ ما يَغْرَمُهُ، فهو بِمَنْزِلَةِ المُسْتَعِيرِ والغاصِبِ. فأمَّا إن كان المَبِيعانِ بَاقِيَيْنِ مَعِيبَيْنِ، لم يُوجَدْ فى أحدِهما ما يَمْنَعُ رَدَّهُ، فأرادَ رَدَّ أَحَدِهِما دونَ الآخَرِ. فقال القاضى: ليس له ذلك. ولم يَذْكُرْ فيه سوى المَنْعِ من رَدِّ أحدِهما. والقِياسُ، أنَّها كالتى قبلَها، إذ لو كان إمْساكُ أحَدِهِما مانِعًا من الرَّدِّ فيما إذا كانا مَعِيبَيْنِ، لمَنَعَ منه إذا كان صَحِيحًا.

فصل: إذا اشْتَرَى اثْنانِ شَيْئًا فوَجَدَاهُ مَعِيبًا، أو اشْتَرَطا الخِيارَ فرَضِىَ أحَدُهما. ففيه رِوايَتانِ عن أحمدَ، حَكاهُما أبو بكرٍ، وابنُ أبى موسى. إحْداهُما، لمن لم يَرْضَ الفَسْخُ. وبه قال ابنُ أبى ليلى، والشَّافِعِىُّ، وأبو يوسف، ومحمدٌ، وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن مالِكٍ. والأُخْرَى، لا يجوزُ له رَدُّهُ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، وأبى ثَوْرٍ؛ لأنَّ المَبِيعَ خَرَجَ عن مِلْكِه دُفعَةً واحِدَةً غيرَ مُتَشَقِّصٍ (٩)، فإذا رَدَّه مُشْتَرِكًا، رَدَّه ناقِصًا، أشْبَه ما لو تَعَيَّبَ عندَه. ووجهُ الأُولَى، أنَّه رَدَّ جَمِيعَ ما مَلَكَهُ بالعَقْدِ،


(٨) فى م: "ببعض".
(٩) أى غير مجزأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>