للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَدُّ الثَّمَرِ إن كان بَاقِيًا، وإن كان تَالِفًا فعليه بَدَلُه وإن كان رُطَبًا فصَارَ تَمْرًا، أو عِنَبًا فصار زَبِيبًا، فعليه رَدُّهُ وأَرْشُ نَقْصِه إن نَقَصَ، وليس له شيءٌ بِعَمَلِه فيه، وليس لِلشَّجَرِ أُجْرَةٌ؛ لأنَّ أُجْرَتَها لا تجوزُ في العُقُودِ، فكذلك في الغَصْبِ، ولأنَّ نَفْعَ الشَّجَرِ تَرْبِيَةُ الثَّمَرِ وإخْرَاجُه، وقد عَادَتْ هذه المَنَافِعُ إلى المالِكِ. ولو كانت ماشِيَةً، فعليه ضَمَانُ وَلَدِها إن وَلَدَتْ عندَه، ويَضْمَنُ لَبَنَها بمِثْلهِ؛ لأنَّه من ذَوَاتِ الأَمْثالِ، ويَضْمَنُ أَوْبَارَها وأشْعَارَها بمِثْلِه، كالقُطْنِ.

فصل: وإذا غَصَبَ أَرْضًا، فحُكْمُها في جَوَازِ دُخُولِ غيرِه إليها حُكْمُها (١٤) قبلَ الغَصْبِ. فإن كانت مُحَوَّطَةً، كالدَّارِ والبُسْتَانِ المُحَوَّطِ، لم يَجُزْ لغيرِ مالِكِها دُخُولُها؛ لأنَّ مِلْكَ مَالِكِها لم يَزُلْ عنها، فلم يَجُزْ دُخُولُها بغيرِ إِذْنِه، كما لو كانتْ في يَدِه. قال أحمدُ، في الضَّيْعَةِ تَصِيرُ غَيْضَةً فيها سَمَكٌ: لا يَصِيدُ فيها أحَدٌ إلَّا بإذْنِهِم. وإن كانت صَحْرَاءَ، جازَ الدُّخُولُ فيها وَرَعْىُ حَشِيشِها. قال أحمدُ: لا بَأْسَ بِرَعْىِ الكَلإِ في الأَرْض المَغْصُوَبةِ؛ وذلك لأنَّ الكَلأَ لا يُمْلَكُ بمِلْكِ الأَرْضِ. ويَتَخَرَّجُ في كل واحِدَةٍ من الصُّورَتَيْنِ مثل حُكْمِ الأُخْرَى. قِيَاسًا لها عليها. ونَقَلَ عنه المَرُّوذِيُّ، في رَجُلٍ والِدَاهُ في دَارٍ طَوَابِيقُها غَصْبٌ. لا يَدْخُلُ على والِدَيْه، وذلك لأنَّ دُخُولَهُ عليهما تَصَرُّفٌ في الطَّوَابِيقِ المَغْصُوبَةِ. ونَقَلَ عنه الفَضْلُ بنُ عبد الصَّمَدِ (١٥)، في رَجُلٍ له إِخْوَةٌ في أَرْضِ غَصْبٍ: يَزُورُهم ويُرَاوِدُهم على الخُرُوجِ، فإن أجَابُوه، وإلَّا لم يُقِمْ معَهم، ولا يَدَعُ زِيَارَتَهم. يعني يَزُورُهم بحيث يَأْتِى بابَ دَارِهم، ويَتَعَرَّفُ أخْبَارَهم، ويُسَلِّمُ عليهم، ويُكلِّمُهم، ولا يَدْخُلُ إليهم. ونَقَلَ المَرُّوذِيُّ عنه: أكْرَهُ المَشْىَ على العَبَّارَةِ التي يَجْرِى فيها الماءُ. وذلك لأنَّ العَبّارَةَ وُضِعَتْ لِعُبُورِ الماءِ، لا لِلْمَشْىِ عليها، وربَّما كان المَشْىُ عليها يَضُرُّ بها. وقال أحمدُ: لا يَدْفِنُ في الأَرْضِ المَغْصُوبَةِ؛ لما في


(١٤) في الأصل: "حكم ما".
(١٥) أبو يحيى الفضل ين عبد الصمد الأصفهاني، رجل جليل، عنده جزء من مسائل الإِمام أحمد، لزم طرسوس، ومات في الأسر بعد سنة إحدى وسبعين ومائتين. طبقات الحنابلة ١/ ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>