للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِينارٍ، أو اثْنَى عَشرَ ألْفَ دِرْهَمٍ. وهذا قولُ الشافعىِّ القديمُ. وقال في الجَدِيد: تَجِبُ قِيمةُ الإِبِلِ، بالِغَةً ما بَلَغَتْ؛ لحدِيثِ عمرِو بن شُعَيْبٍ عن عمرَ في تَقْوِيمِ الإِبِلِ، ولأَنَّ ما ضُمِنَ بنَوْعٍ من المالِ، وجَبَتْ قِيمَتُه، كذَواتِ الأمْثالِ، ولأنَّ الإِبِلَ إذا أجْزَأَتْ إذا قَلَّتْ قِيمَتُها، يَنْبَغِى أن تجبَ (١٩) وإن كَثُرَتْ قِيمَتُها، كالدنانيرِ إذا غَلَتْ أو رَخُصَتْ. وهكذا يَنْبَغِى أن نَقُولَ إذا غَلَتِ الإِبِلُ كلُّها، فأمَّا إن كانت الإِبلُ مَوْجُودةً بِثَمَنِ مِثْلِها، إلَّا أنَّ هذا لم يَجِدْها، لكَوْنِها في غيرِ بَلَدِه، ونحو ذلك، فإن عمرَ (٢٠) قَوَّمَ الدِّيَةَ من الدَّراهمِ باثْنَى (٢١) عَشَرَ ألفًا وأَلْفِ دِينارٍ.

فصل: وظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أنَّه لا تُعْتَبرُ قِيمةُ الإِبلِ، بل مَتَى وُجِدَتْ على الصِّفَةِ المَشْرُوطةِ، وجَبَ أخْذُها، قَلَّتْ قِيمَتُها أو كَثُرَتْ. وهذا ظاهرُ مذهبِ الشافعىِّ. وذَكَرَ أصحابُنا أنَّ ظاهرَ (٢٢) مذهبِ أحمدَ، أن تُؤْخَذَ مائةٌ، قِيمةُ كلِّ بَعِيرٍ منها مائِةٌ وعِشْرُونَ دِرْهَمًا، فإن لم يَقْدِرْ علي ذلك، أدَّى اثْنَىْ عَشَرَ ألْفَ دِرْهمٍ، أو ألْفَ (٢٣) دِينارٍ؛ لأنَّ عمرَ قَوَّمَ الإِبِلَ على أهْلِ الذَّهَبِ ألْفَ مِثْقالٍ، وعلى أهلِ الوَرِقِ اثْنَىْ عَشرَ ألْفًا، فدَلَّ على أنَّ ذلك قِيمَتُها، ولأنَّ هذه أبْدالُ مَحَلٍّ واحدٍ، فيَجِبُ أن تَتَساوَى في القِيمةِ، كالمِثْلِ والقِيمَةِ في بَدَلِ القَرْضِ، والمُتْلَفِ في المِثْلِيَّاتِ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فِي النَّفْسِ المُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبلِ" (٢٤). وهذا مُطْلَقٌ فتَقْيِيدُه يُخالِفُ إطْلاقَه، فلم يَجُزْ إلَّا بدَليلٍ، ولأنَّها كانتْ تُؤْخَذُ على عهدِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقِيمَتُها ثَمانِيةُ آلافٍ، وقولُ عمرَ في حديثِه: إنَّ الإِبِلَ قد غَلَتْ. فقَوَّمَها على أهْلِ الوَرِقِ اثْنَى عَشَرَ ألفًا، دَلِيلٌ على أنَّها في حالِ رُخْصِها أقلُّ قِيمَةً من ذلك، وقد كانتْ تُؤْخَذُ في عصرِ


(١٩) في ب، م: "تجزئ".
(٢٠) سقط من: م.
(٢١) في م: "اثنى".
(٢٢) سقط من: الأصل.
(٢٣) في م: "ألفى".
(٢٤) تقدم تخريجه، في صفحة ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>