للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإنْ ذهب بعضُ الكلامِ، وجبَ من الدِّيَةِ بقدرْ ما ذهَب، يُعْتَبرُ ذلك بحُروفِ المُعْجَمِ، وهى ثمانيةٌ وعشرون حرفًا سِوَى "لا"، فإنَّ مخرجَها مَخْرَجُ اللَّام والألفِ، فمهما (٩) نَقَصَ من الحُروفِ، وجَبَ من الدِّيَة بقَدْرِه؛ لأنَّ الْكلامَ يتمُّ بجميعِها، فالذَّاهبُ يجبُ أنْ يكونَ عِوَضُه من الدِّيَةِ كقَدْرِه من الكلامِ، ففى الحرفِ الواحدِ رُبْعُ سُبْعِ الدِّيَةِ، وفى الحرْفَيْنِ نصفُ سُبْعِها، وفى الأرْبعَةِ سُبْعُها، ولا فرْقَ بين ما خَفَّ من الحروفِ على اللِّسانِ وما ثَقُل؛ لأنَّ كلَّ ما وجبَ فيه المُقَدَّرُ لم يخْتلِفْ لاخْتلافِ قَدْرِه، كالأصابعِ. ويَحْتَمِلُ أنْ تُقَسَّم الدِّيَةُ على الحروفِ التي لِلِّسانِ فيها عملٌ دُونَ الشَّفَوِيَّةَ (١٠)، وهى أربعة؛ الباءُ، والميمُ، والفاءُ، والواو. دون حروف الحَلْقِ السِّتَّةِ؛ الهمزةِ، والهاءِ، والحاءِ، والخاءِ، والعينِ، والغينِ. فهذه عشرةٌ، بقى ثمانيةَ عشرَ حرفًا للِّسانِ، تُقَسَّمُ (١١) دِيَتُه عليها؛ لأنَّ الدِّيةَ تجبُ بقطْعِ اللِّسان، وذَهابِ هذه الحروف وحْدَها مع بقائِه، فإذا وجبَتِ الدِّيَةُ فيها بمُفْردِها، وجَبَ في بعضها بقِسْطِه منها، ففى الواحدِ نصفُ تُسْعِ الدِّيَةِ، وفى الاثنَيْن تُسْعُها، وفى الثلاثةِ سُدُسُها. وهذا قول بعضِ أصحابِ الشَّافعىِّ. وإنْ جَنَى على شَفَتِه، فذهبَ بعضُ الحروفِ، وجَب فيه بقَدْرِه، وكذلك إنْ ذهَب بعضُ حروفِ الحَلْقِ بجنايتِه. وينْبغِى أن تجبَ بقَدْرِه من الثمانية والعشرين، وَجْهًا واحدًا. [وإن ذهبَ حرفٌ فعَجزَ عن كلمةٍ، لم يجبْ غيرُ أرْشِ الحرفِ؛ لأنَّ الضَّمانَ إنَّما يجب لما تَلِفَ] (١٢)، وإن ذهب حرفٌ، فأبْدَلَ مكانَه حرفًا آخَرَ، كأنَّه كان (١٣) يقول: دِرْهمٌ. فصار يقول: دِلْهم. أو: دِغْهم. أو: دِيْهَم. فعليه ضَمانُ الحَرْفِ الذَّاهبِ؛ لأنَّ ما تَبدَّلَ لا يقومُ مَقامَ الذاهبِ في القراءةِ ولا غيرِها؛ فإنْ جَنَى عليه فذهبَ البدلُ، وجَبتْ دِيَتُه أيضًا؛ لأنَّه أصْلٌ. وإنْ لم يذهبْ


(٩) في م: "فما".
(١٠) في م: "الشفة".
(١١) في م: "تنقسم".
(١٢) سقط من: ب.
(١٣) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>