فيه. ولو بَاعَه سَيِّدُه بعدَ ما أَحْرَمَ فحُكْمُ مُشْتَرِيه فى تَحْلِيلِه حُكْمُ بائِعِه سَوَاءً؛ لأنَّه اشْتَرَاهُ مَسْلُوبَ المَنْفَعَةِ، فأشْبَهَ الأمَةَ المُزَوَّجَةَ والمُسْتَأْجَرَةَ. فإن عَلِمَ المُشْتَرِى بذلك، فلا خِيارَ له؛ لأنَّه دَخَلَ على بَصِيرَةٍ، فأشْبَهَ ما لو اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَهُ. وإن لم يَعْلَمْ، فله الفَسْخُ؛ لأنَّه يَتَضَرَّرُ بِمُضِىِّ العَبْدِ فى حَجِّه، لِفَوَاتِ مَنَافِعِه، إلَّا أن يكونَ إحْرَامُه بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، ونقول: له تَحْلِيلُه. فلا يَمْلِكُ الفَسْخَ؛ لأنَّه يُمْكِنُه دَفْعُ الضَّرَرِ عنه. ولو أذِنَ له سَيِّدُه فى الإحْرامِ، ثمَّ رَجَعَ قبلَ أن يُحْرِمَ، وعَلِمَ العَبْدُ بِرُجُوعِه قبلَ الإِحْرَامِ، فهو كمَنْ لم يُؤْذَنْ (١٠) له. وإن لم يَعْلَمْ حتَّى أحْرَمَ، فهل يكونُ حُكْمُه حُكْمَ مَن أحْرَمَ بإذْنِ سَيِّدِه؟ على وَجْهَيْنِ، بنَاءً على الوَكِيلِ، هل يَنْعَزِلُ بالعَزْلِ قبل العِلْمِ؟ على رِوَايَتَيْن.
الفصل الثانى: إذا نَذَرَ العَبْدُ الحَجَّ، صَحَّ نَذْرُه؛ لأنَّه مُكَلَّفٌ، فانْعَقَدَ نَذْرُهُ كالحُرِّ. ولِسَيِّدِه مَنْعُه من المُضِىِّ فيه؛ لأنَّ فيه تَفْوِيت حَقِّ سَيِّدِه الوَاجبِ، فمُنِعَ منه، كما لو لم يَنْذُرْ. ذَكَرَه القاضى، وابنُ حامِدٍ. وَرُوِىَ عن أحمدَ أَنَّه قال: لا يُعْجِبُنِى مَنْعُه من الوَفَاءِ به. وذلك لما فيه من أدَاءِ الوَاجِبِ، فيَحْتَمِلُ أنَّ ذلك على الكَرَاهَةِ، لا على التَّحْرِيمِ؛ لما ذَكَرْنَا، ويَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ؛ لأنَّه وَاجِبٌ، فلم يَمْلِكْ مَنْعَه منه، كسائِرِ الواجِباتِ. والأَوَّلُ أَوْلَى. فإن أُعْتِقَ، لَزِمَه الوَفَاءُ به بعدَ حَجَّةِ الإسلامِ. فإن أحْرَمَ به أوَّلًا انْصَرَفَ إلى حَجَّةِ الإسلامِ، كالحُرِّ إذا نَذَرَ حَجًّا.
الفصل الثالث فى جِنَايَاتِه: وما جَنَى على إحْرَامِه لَزِمَه حُكْمُه. وحُكْمُه فيما يَلْزَمُه حُكْمُ الحُرِّ المُعْسِرِ فَرْضُه الصِّيَامُ. وإن تَحَلَّلَ بِحَصْرِ عَدُوٍّ، أو حَلَّلَهُ سَيِّدُه، فعليه الصِّيامُ، لا يَتَحَلَّلُ قبلَ فِعْلِه كالحُرِّ، وليس لِسَيِّدِه أن يَحُولَ بينه وبين الصَّوْمِ. نَصَّ عليه؛ لأنَّه صَوْمٌ واجِبٌ، أشْبَهَ صَوْمَ رمضانَ. فإن مَلَّكَهُ السَّيِّدُ