للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل النِّدَاءِ على المتَاعِ، ونَقْلِه إلى الخانِ، فليس على العامِلِ عَمَلُه، وله أن يَكْتَرِىَ مَن يَعْمَلُه. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ العَمَلَ في المُضارَبةِ غيرُ مَشْرُوطٍ، لِمَشَقَّةِ اشْتِرَاطِه، فرُجِعَ فيه إلى العُرْفِ. فإن فَعَلَ العامِلُ ما لا يَلْزَمُه فِعْلُهُ مُتَبَرِّعًا، فلا أجْرَ له. وإن فَعَلَهُ ليأْخُذَ عليه أجْرًا، فلا شىءَ له أيضًا، في المَنْصُوصِ عن أحمدَ. وخَرَّجَ أصْحابُنا وَجْهًا، أنَّ له الأَجْرَ، بِنَاءً على الشَّرِيكِ إذا انْفَرَدَ بعَمَلٍ لا يَلْزَمُه، هل له أجْرٌ لذلك؟ على رِوَايَتَيْنِ. وهذا مثلُه. والصَّحِيحُ أنَّه لا شىءَ له في المَوْضِعَيْنِ؛ لأنَّه عَمِلَ في مالِ غيرِه عَمَلًا لم يُجْعَلْ له في مُقَابَلَتِه شيءٌ، فلم يَسْتَحِقَّ شيئا، كالأَجْنَبِىِّ.

فصل: وإذا سُرِقَ مالُ المُضَارَبةِ أو غُصِبَ، فلِلْمُضاربِ (٢٣) طَلَبُه، والمُخَاصَمَةُ فيه، في أحَدِ الوَجْهَيْنِ، وفى الآخَرِ، ليس له (٢٤) ذلك؛ لأنَّ المُضَارَبةَ عَقْدٌ على التِّجَارَةِ، فلا تَدْخُلُ فيه الخُصُومَةُ. والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّه يَقْتَضِى حِفْظَ المالِ، ولا يَتِمُّ ذلك إلَّا بالخُصُومةِ والمُطَالَبةِ، سِيَّما إذا كان غائِبًا عن رَبِّ المال، إمَّا لِسَفَرِ المُضَارِبِ، أو رَبِّ المالِ، فإنَّه لا مُطالِبَ (٢٥) به (٢٦) إلا المُضَارِبُ، فإن تَرَكَهُ ضَاعَ. فعلى هذا إن تَرَكَ الخُصومَةَ والطَّلَبَ به في هذه الحال، غَرِمَهُ؛ لأنَّه ضَيَّعَهُ وفَرَّطَ فيه. وإن كان رَبُّ المالِ حاضِرًا، وعَلِمَ الحالَ، لم يَلْزَمِ العَامِلَ طَلَبُه، ولا يَضْمَنُهُ إذا تَرَكَهُ؛ لأنَّ رَبَّ المالِ أَوْلَى بذلك من وَكِيله.

فصل: وإذا اشْتَرَى للمُضَارَبَةِ عَبْدًا، فقَتَلَهُ عَبْدٌ لغيرِه، ولم يكُنْ ظَهَرَ في المالِ رِبْحٌ، فالأَمْرُ إلى رَبِّ المالِ، إن شَاءَ اقْتَصَّ، وإن شاءَ عَفَا على غير مالٍ، وتَبْطُلُ المُضَاربَةُ فيه؛ لذَهَابِ رَأْسِ المال. وإن شاءَ عَفَا على مالٍ، فإن عَفَا على (٢٧) مثلِ رَأْسِ المالِ، أو أقَلَّ،


(٢٣) في م: "فعلى المضارب".
(٢٤) في م: "عليه".
(٢٥) في م: "يطالب".
(٢٦) في م: "له".
(٢٧) في م زيادة: "مال".

<<  <  ج: ص:  >  >>