للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الجامِعِ" (١٧): لا يُكَبِّرُ بغيرِ العربيَّةِ، ويكونُ حُكْمُه حُكْمَ الأخْرَسِ، كمن عَجَزَ عن القراءةِ بالعربِيَّةِ لا يُعَبِّرُ عنها بغيرِها. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ التَّكْبِيرَ ذِكْرٌ للَّه (١٨)، وذكرُ اللهِ تعالى يَحْصُلُ بكُلِّ لسانٍ، وأمَّا القُرْآنُ فإنَّه عربيٌّ، فإذا عَبَّرَ عنه بغيرِ العربيةِ لم يكُنْ قُرْآنًا، والذِّكْرُ لا يخْرُجُ بذلك (١٩) عن كَوْنِه ذِكْرًا.

فصل: فإنْ كان أخْرسَ أو عاجزًا عن التَّكْبِيرِ بِكُلِّ لسانٍ، سَقَطَ عنه، وقال القاضي: عليه تَحْرِيكُ لسَانِه؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ يَلْزَمُهُ النُّطْقُ بِتَحْرِيكِ لسانِه، فإذا عَجَزَ عن أحَدِهِما لَزِمَه الآخَرُ. ولا يَصِحُّ هذا؛ لأنَّه قولٌ عَجَزَ عنه، فلم يَلْزَمْه تَحْرِيكُ لسانِه في مَوْضِعِه كالقِرَاءَةِ، وإنَّمَا يَلْزَمُه (٢٠) تَحْرِيكُ لسانِهِ بِالتَّكْبِيرِ مع القُدْرَةِ عليهِ ضرورةً بِوَقْفِ التَّكْبِيرِ عليها، فإذا سَقَطَ التَّكبِيرُ سَقَطَ ما هو مِن ضرورَتِه، كمَن سَقَطَ عنهُ القيامُ، سقطَ عنهُ النُّهُوضُ إليه، وإنْ قَدَرَ عليهِ. ولأنَّ (٢١) تَحْريكَ اللِّسَانِ مِنْ غيرِ نُطْقٍ عَبَثٌ لم يَرِد الشَّرْعُ به، فلا يَجُوزُ في الصَّلاةِ، كالعَبَثِ بسَائِرِ جَوَارِحِه.

فصل: وعليه أنْ يأتِىَ بالتكبِيرِ قائِمًا. فإن انْحَنَى إلى الرُّكُوعِ بحيثُ يَصِيرُ راكعًا قبلَ إنْهَاءِ التَّكْبِيرِ، لم تَنْعَقِدْ صلاتُه، إلَّا أنْ تكونَ نَافِلَةً؛ لِسُقُوطِ القيامِ فيها. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَنْعَقِدَ أيضًا؛ لأنَّ صِفَةَ الرُّكُوعِ غيرُ صِفَةِ القُعُودِ، ولم يَأْتِ التكبِيرَ قائمًا ولا قاعدًا. ولو كان مِمَّنْ تَصِحُّ صلاته قاعدًا، كان عليه الإِتْيَانُ بالتَّكْبِيرِ قبلَ وُجُودِ الرُّكُوعِ منه. وقال القاضي: إنْ كَبَّر في الفَرِيضَةِ، في حالِ انْحِنَائِهِ إلى الرُّكُوعِ، انْعَقَدَتْ نَفْلًا؛ لأنَّها امْتَنَعَ وُقُوعُها فَرْضًا، وأمْكَنَ جَعْلُها نَفْلًا، فأشْبَهَ مَن أحْرَمَ بفَرِيضَةٍ، فبانَ أنَّه لم يَدْخُلْ وقْتُها.


= ١٥٩٣، وطبقات الحنابلة ٢/ ٢٠٥.
(١٧) أي الصغير. انظر: طبقات الحنابلة ٢/ ٢٠٥، ٢٠٦.
(١٨) لم يرد المضاف إليه في الأصل.
(١٩) سقط من: الأصل.
(٢٠) في م: "لزمه".
(٢١) في الأصل: "لأن".

<<  <  ج: ص:  >  >>