للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُطالَبتُها فى حالِ حَجْرِها، كما لو اسْتدانَتْ منه، أو باعَها شيئًا فى ذِمَّتِها.

فصل: فأمَّا المَحْجورُ عليها لسَفَهٍ، أو صِغَرٍ، أو جُنُونٍ، فلا يَصحُّ بَذْلُ العِوَضِ منها فى الخُلْعِ؛ لأنَّه تَصَرُّف فى المالِ، وليس هى من أهلِه، وسواءٌ أذنَ فيه الوَلِىُّ أو لم يأذنْ؛ لأنَّه ليس له الإذْنُ فى التَّبرُّعاتِ، وهذا كالتَّبرُّعِ. وفَارقَ الأمَةَ، فإنَّها أهلٌ للتَّصَرُّفِ (٨)، ولهذا تَصِحُّ منها الهِبَةُ وغيرُها من التَّصرُّفاتِ بإذْنِه، ويُفارِقُ المُفْلِسةَ؛ لأنَّها من أهلِ التَّصرُّفِ. فإن خالَعَ المحجورَ عليها بلفظٍ يكونُ طلاقًا (٩)، فهو طلاقٌ رَجْعِىٌّ، ولا يَسْتحِقُّ عِوَضًا، وإن لم يَكُنِ اللَّفظُ مِمَّا يقعُ به الطَّلاقُ، كان كالخُلْعِ بغيرِ عِوَضٍ. ويَحْتَمِلُ أن لا يقعَ الخُلْعُ ههُنا؛ لأنَّه إنَّما رَضِىَ به بعِوَضٍ، ولم يحصُلْ له، ولا أمْكنَ الرُّجوعُ ببَدَلِه. قال أصحابُنا: وليس لِوَلِىِّ هؤلاءِ المُخالَعَةُ بشىءٍ من مالِهِنَّ؛ لأنَّه إنَّما يَمْلكُ التَّصرُّفَ بمالَها فيه الحَظُّ، وهذا لا حَظَّ فيه، بل فيه إسْقاطُ نَفَقتِها ومَسْكنِها وبَذلُ مالِهَا. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَ ذلك، إذا رأى الحظَّ فيه، ويُمْكِنُ أن يكونَ الحَظُّ لها فيه بتَخْليصِها ممَّن يُتْلِفُ مالَهَا، وتَخافُ منه على نَفْسِها وعقلِها، ولذلك لم يُعَدَّ بَذْلُ المالِ فى الخُلعِ [مِن الرشِيدةِ] (١٠) تبذيرًا ولا سَفَهًا، فيجوزُ له بَذْلُ مالِها لتَحْصيلِ حَظِّها، وحِفْظِ نفسِها ومالِهَا، كما يجوزُ بَذْلُه فى مُدَاواتِها، وفَكِّها مِنَ الأسْرِ. وهذا مذهبُ مالكٍ. والأبُ وغيرُه مِن أوليائِها فى هذا سَواءٌ. وإن خالَعَها بشىءٍ من مالِه، جازَ؛ لأنَّه يَجوزُ مِنَ الأجْنَبِىِّ، فمِنَ الوَلِىِّ أوْلَى.

فصل: إذا قال الأبُ: طَلِّقِ ابْنَتِى، وأنتَ بَرِىءٌ من صَداقِها. فطلَّقَها، وقعَ الطَّلاقُ رَجْعِيًّا، ولم يَبْرأ مِن شىءٍ، ولم يَرْجعْ على الأبِ، ولم يَضمنْ له؛ لأنَّه أبْرأه ممَّا ليس له الإِبْراءُ منه، فأشْبَهَ الأجْنَبِىَّ. قال القاضى: وقد قال أحمدُ: إنَّه يَرْجعُ على الأبِ. قال: وهذا محمولٌ على أَنَّ الزَّوجَ كان جاهلًا بأنَّ إبْراءَ الأبِ لا يَصحُّ، فكان له


(٨) فى الأصل، ب، م: "التصرف".
(٩) فى الأصل: "طلاقها".
(١٠) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>