للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحافرِ، والجارِحِ مع الذَّابحِ، وكالصُّوَرِ التي ذكرْناها (١٢). وما ذكَرُوه باطِلٌ بهذه الأُصُولِ المذكورةِ.

١٤٣٧ - مسألة؛ قال: (وَإذَا قَطَعَ يَديْهِ ورِجْلَيْهِ، ثُمَّ عَادَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ قَبْلَ أنْ تَنْدَمِلَ جِرَاحُهُ، قُتِلَ، ولَمْ تُقْطَعْ يَدَاهُ (١) ولَا رِجْلَاهُ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبِى عَبْدِ اللهِ، رَحِمَهُ اللهُ. والرِّوَايَةُ الأُخْرَى، قَالَ: إنَّه لأَهْلٌ أنْ يُفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ. فإنْ عَفَا عَنْهُ الْوَلِىُّ، فَعَلَيْهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ)

وجملةُ ذلك أنَّ الرَّجُلَ إذا جَرَحَ رجلًا، ثم ضَرَبَ عُنُقَه قبلَ انْدِمالِ الجُرْحِ، فالكلامُ في المسألةِ في حالَيْنِ؛ أحدهما، أن يَخْتارَ الوَلِىُّ القِصَاصَ، فاخْتلَفتِ الرِّواية عن أحمدَ في كَيْفِيَّةِ الاسْتِيفاءِ؛ فرُوِى عَنه؛ لا يُسْتَوفَى إلَّا بالسَّيْفِ في العُنُقِ. وبه قال عطاءٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ؛ لما رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ". روَاه ابن ماجَه (٢). ولأنَّ القِصاصَ أحَدُ بَدَلَىِ النَّفْسِ، فدَخَلَ الطَّرَفُ في حُكْمِ الجُمْلةِ، كالدِّيَةِ، فإنَّه لو صار الأمْرُ إلى الدِّيَةِ، لم تَجِبْ إلَّا دِيَةُ النَّفْسِ، ولأنَّ القَصْدَ من القِصاصِ في النّفْسِ تَعْطِيلُ الكُلِّ، وإتلافُ الجُمْلةِ، وقد أمْكَنَ هذا بضَرْبِ العُنُقِ، فلا يجوزُ تَعْذِيبَهُ بإتْلافِ أطْرافِه، كما لو قَتَلَه بسيفٍ كَالٍّ (٣)، فإنَّه لا يُقْتَلُ بمِثْلِه. والرِّواية الثانية عن أحمدَ، قال (٤): إنَّه لأَهْلٌ أن يُفْعَلَ به كما فَعَلَ. يعني أنَّ للمُسْتَوفِى أن يَقْطَعَ أطْرافَه، ثم يَقْتُلَه. وهذا مذهبُ عمرَ بن عبد العزيز، ومالكٍ، والشافعىِّ، وأبى


(١٢) في، ب، م: "ذكرنا".
(١) في م: "يده".
(٢) في: باب لا قود إلا بالسيف، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٨٩.
كما أخرجه الدارقطني، في: كتاب الحدود والديات وغره. سنن الدارقطني ٣/ ٨٧، ٨٨، ١٠٦. والبيهقي، في: باب ما روى أن لا قود إلا بحديدة، من كتاب الجنايات ٨/ ٦٢، ٦٣.
(٣) أي لا يقطع.
(٤) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>