للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكذلك لا فَرْقَ بين التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ والمُتَّصِلِ والمُنْفَصِلِ. ذَكَرَهُ القاضي. وقيل: يَلْزَمُه دَفْعُها إلى عَمْرٍو، ويَغْرَمُها لِزَيْدٍ؛ لأنَّه لمَّا أقَرَّ بها لِعَمْرٍو أَوَّلًا، لم يُقْبَلْ إِقْرَارُه باليَدِ لِزَيْدٍ. وهذا وَجْهٌ حَسَنٌ. ولأَصْحابِ الشّافِعِىِّ وَجْهانِ كهذَيْنِ. ولو قال: هذا الأَلْفُ دَفَعَهُ إلىَّ زَيْدٌ، وهو لِعَمْرٍو. أو قال: هو لِعَمْرٍو ودَفَعَهُ (١٨) إلىَّ زَيْدٌ. فكذلك، على ما مَضَى من القَوْلِ فيه.

فصل: وإن قال: غَصَبْتُها من أحَدِهِما. أو هي لأَحَدِهِمَا. صَحَّ الإِقْرَارُ؛ لأنَّه يَصِحُّ بالمَجْهُولِ، فيَصِحُّ لِلْمَجْهُولِ، ثم يُطَالَبُ (١٩) بالبَيَانِ، فإن عَيَّنَ أحَدَهما دُفِعَتْ إليه، ويَحْلِفُ لِلآخَرِ إن ادَّعَاهَا، ولا يَغْرَمُ له شيئا؛ لأنَّه لم يُقرَّ له بِشَىءٍ. وإن قال: لا أعْرِفُه عَيْنًا. فصَدَّقَاهُ، نُزِعَتْ من يَدِه، وكانا خَصْمَيْنِ فيها، وإن كَذَّبَاهُ فعليه اليَمِينُ أنَّه لا يَعْلَمُ، وتُنْزَعُ من يَدِه. فإن كان لأَحَدِهما بَيِّنَةٌ، حُكِمَ له بها، وإن لم تكنْ له بَيِّنَةٌ، أقْرَعْنَا بينهما، فمن قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ، وسُلِّمَتْ إليه. وإن بَيَّنَ الغاصِبُ بعدَ ذلك مَالِكَها، قُبِلَ منه، كما لو بَيَّنَهُ ابْتِدَاءً. ويَحْتَمِلُ أنَّه إذا ادَّعَى كلُّ واحدٍ منهما أنَّه المَغْصُوبُ منه، تَوَجَّهَتْ عليه اليَمِينُ لكلِّ واحدٍ منهما أنَّه لم يَغْصِبْهُ، فإن حَلَفَ لأَحَدِهما، لَزِمَهُ دَفْعُها إلى الآخَرِ؛ لأنَّ ذلك يَجْرِى مَجْرَى تَعْييِنِه، وإن نَكَلَ عن اليَمِينِ [لهما جَمِيعًا، فَسُلِّمَتْ إلى أحَدِهِما بِقُرْعَةٍ أو غيرِها، لَزِمَهُ غُرْمُها للآخَرِ؛ لأنَّه نَكَلَ عن يَمِينٍ] (٢٠) تَوَجَّهَتْ عليه، فقُضِىَ عليه، كما لو ادَّعاها وَحْدَهُ.

فصل: فإن كان في يَدِهِ عَبْدَانِ، فقال: أحَدُ هذَيْنِ (٢١) لِزَيْدٍ. طُولِبَ بالبَيَانِ، فإذا (٢٢) عَيَّنَ أحَدَهما فصَدَّقَهُ زَيْدٌ أخَذَهُ. وإن قال: هذا لِى، والعَبْدُ الآخَرُ لِزَيْدٍ فعليه


(١٨) في الأصل: "ووديعة".
(١٩) في م: "ويطالب".
(٢٠) سقط من: ب.
(٢١) في ب زيادة: "العبدين".
(٢٢) في ب، م: "فإن".

<<  <  ج: ص:  >  >>