للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما لو وَهَبَهُ أو أشْتَرَاهُ. وفارَقَ الوَقفَ على قَوْمٍ بأعْيانِهِم. فإنَّه يُعَيَّنُ (٥) لكلِّ واحدٍ منهم حَقٌّ في نَفْعِ الأرْضِ وغَلَّتِها، ولهذا يَجِبُ إعْطاؤْه، ولا يجوزُ حِرْمَانُه.

فصل: ويَصِحُّ الوَقْفُ على القَبِيلَةِ العَظِيمَةِ، كقُرَيْشٍ، وبنى هاشِمٍ، وبنى تَمِيمٍ، وبنى وائِلٍ، ونحوِهم، ويجوزُ الوَقْفُ على المُسْلِمينَ كلِّهم، وعلى أهْلِ إقْليمٍ ومَدِينَةٍ، كالشَّامِ ودِمَشْقَ ونحوِهم. ويجوزُ لِلرَّجُلِ أن يَقِفَ على عَشِيرَتِه، وأهْلِ مَدِينَتِه. وقال الشافِعِيُّ، في أحِد قَوْلَيْه: لا يَصِحُّ الوَقْفُ على مَنْ لا يُمْكِنُ اسْتِيعابُهُم وحَصْرُهُم، في غير المَساكِينِ وأشْباهِهِم؛ لأنَّ هذا تَصَرُّفٌ في حَقِّ الآدَمِيِّ، فلم يَصِحَّ مع الجَهَالةِ، كما لو قال: وَقَفْتُ على قَوْمٍ. ولَنا، أنَّ مَنْ صَحَّ الوَقْفُ عليه، إذا كان عَدَدُه مَحْصِيًّا، صَحَّ، وإن لم يكنْ مَحْصِيًّا، كالفُقَراءِ والمَسَاكِينِ. وما ذَكَرَهُ يَبْطُلُ بالوَقْفِ على الفُقَراءِ والمَساكِينِ. ومتى كان الوَقْفُ على مَنْ لا يُمْكِنُ حَصْرُهُم، فلا زَكَاةَ على واحدٍ منهم فيما يَصِحُّ له؛ لما ذَكَرناه في المَساكِينِ، ولا في جُمْلَةِ الوَقْفِ؛ لما ذَكَرْناه من قبلُ.

٩٢٧ - مسألة؛ قال: (ومَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بالْإِتْلَافِ، مِثْلُ الذَّهَبِ والوَرِقِ والْمَأْكُولِ والْمَشْرُوبِ، فوَقْفُهُ غَيْرُ جَاِئزٍ)

وجملتُه أنَّ ما لا يُمْكِنُ الانْتِفاعُ به مع بَقَاءِ عَيْنِه، كالدَّنَانِيرِ والدَّرَاهِمِ, والمَطْعُومِ والمَشْرُوبِ، والشَّمْعِ، وأشْباهِه، لا يَصِحُّ وَقْفُه، في قولِ عَامَّةِ الفُقَهاءِ وأهْلِ العِلْمِ، إلَّا شَيْئًا يُحْكَى عن مالِكٍ، والأَوْزَاعِيِّ، في وَقْفِ الطَّعَامِ، أنَّه يجوزُ، ولم يَحْكِه أصْحابُ مالِكٍ. وليس بِصَحِيحٍ؛ لأنَّ الوَقْفَ تَحْبِيسُ الأصْلِ وتَسْبِيلُ الثَّمرَةِ، وما لا يُنْتَفَعُ به إلَّا بالإِتْلافِ لا يَصِحُّ فيه ذلك. وقيل في الدَّرَاهِمِ والدَّنَانِير: يَصِحُّ وَقْفُها، على قولِ مَن أجَازَ إجَارَتَها. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ تلك المَنْفَعَةِ ليست


(٥) في الأصل: "يتعين".

<<  <  ج: ص:  >  >>