للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه لا يَرَى بذبائِحِهم بأْسًا. وهذا قولُ ابن عباس. ورُوِى نحوُه عن عمرَ بن الخَطَّابِ (٢)، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وبه قال الحسَنُ، والنَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ، والزُّهْرِىُّ، وعَطاءٌ الخُراسانِىُّ، والحَكَمُ، وحَمَّادٌ، وإسْحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. قال الأَثْرَمُ: وما عَلِمْتُ أحدًا كَرِهَه من أصحاب النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلَّا عليًّا. وذلك لدخُولِهم فى عُمومِ قولِه تعالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (٣). ولأَنَّهُم أهلُ كتابٍ يُقَرُّونَ على دينِهم بِبَذْلِ المالِ، فتَحِلُّ ذبائِحُهم ونساؤُهم، كبَنِى إسْرائِيلَ.

١٦٩٨ - مسألة؛ قال: (ومَنْ يَجُزْ مِنْ أهْلِ الذِّمَّةِ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، أُخِذَ مِنْهُ نِصْفُ العُشْرِ فِى السَّنَةِ)

اشتهرَ هذا عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وصَحَّتِ الرِّوايَةُ عنه به (١). وقال الشافِعِىُّ: ليس عليه إلَّا الْجِزْيَةُ، إلَّا أَنْ يدْخُلَ أرضَ الحِجازِ، فيُنْظَرَ فى حالِه؛ فإنْ كان لرسالَةٍ، أو نَقْلِ مِيرَةٍ، أَذنَ له بغَيْرِ شىءٍ، وإِنْ كان لِتجارَةٍ لا حاجَةَ بأهلِ الحجازِ إليها، لم يَأْذَنْ (٢) له إلَّا أَنْ يَشْتَرطَ عليه عِوَضًا بحَسَبِ ما يراهُ، والأَوْلَى أَنْ يشترطَ عليه (٣) نِصْفَ العُشْرِ؛ لأنَّ عمرَ شرَطَ نصفَ العُشْرِ على مَنْ دخَلَ الحجازَ من أهلِ الذِّمَّةِ (٤). ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ، إنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ والنَّصَارَى". روَاه أبو داودَ (٥). وروَى الإِمامُ أحمدُ، عن سفيانَ، عن هِشامٍ، عن أنَسِ بن سِيرِينَ، قال:


(٢) أخرجه البيهقى، فى البابين السابقين. السنن الكبرى ٩/ ٢١٦، ٢٨٤.
(٣) سورة المائدة ٥.
وورد هكذا فى أ، ب: " {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} وقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ".
(١) أخرجه البيهقى، فى: باب ما يؤخذ من الذمى إذا اتجر فى غير بلده. . .، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ٢١٠. وعبد الرزاق، فى: باب صدقة أهل الكتاب، من كتاب أهل الكتاب. المصنف ٦/ ٩٥، ٩٧.
(٢) فى أ: "يؤذن".
(٣) سقط من: الأصل، أ، م.
(٤) هو الذى تقدم فى أول المسألة. وانظر كلام المصنف الآتى على قوله: "على من دخل الحجاز".
(٥) فى: باب فى تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات، من كتاب الخراج والفىء والإمارة. سنن أبى داود ٢/ ١٥١. كما أخرجه الإمام أحمد فى: المسند ٣/ ٤٧٤، ٤/ ٣٢٢، ٥/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>